حسين السنوسي
1. يزعم الخطاب الرسمي في هذا البلد الطّيّب أنّ تونس بلد الـ “99 بالمائة مسلمين بدون تزوير”. هذا الادعاء الذّي يعتبره البعض مزحة لطيفة أو نكتة سمجة يصطدم بالواقع كلّما طرحت مسألة شائكة مثل المسألتين اللّتين طرحهما رئيس الجّمهوريّة في خطابه الأخير.
2. يبدو أن اعتماد هذا الإدّعاء كمسلّمة لا ينطلق من صحّته -فالجّميع يعلم أنّه خاطئ- بل من جدواه في مقاومة المتطرّفين وفي بناء الوحدة الوطنيّة.
3. “تكرم عيون” الوحدة الوطنيّة والسّلم الإجتماعي وكلّ البقرات المقدّسة التّي نرجو أن لا تمنعنا من التّفكير بصوت مرتفع وأن لا تعيدنا إلى السّجن الكبير الذّي أخرجتنا منه ثورة الفقراء والشّباب.
4. تبدو العلاقة بين هذا البلد الطيّب والإسلام متعدّدة الأبعاد وأكثر تعقيدا ممّا تزعمه الخطابات الرّسميّة.
5. نحاول في هذا الحديث أن ندفع في اتّجاه توضيح بعض جوانب هذه العلاقة وذلك بطرح أسئلة وضعنا فيها أكبر قدر ممكن من السّذاجة وحسن النيّة ونتمنّى على من يريد التّصدّي للإجابة عنها أن يضع في إجاباته نفس القدر من التّلقائيّة.
6. سؤال رقم 1: يقول الفصل ألأوّل من الدّستور إن “تونس دولة… الإسلام دينها…”. لن ندخل هنا في الجدل حول “دين البلاد أم دين الدّولة ؟” ولن نستنجد بالتّرجمة الفرنسيّة لتوضيح الفرق بين المعنيين بل نكتفي بطلب ترجمة عمليّة لهذا الفصل. هل يلزمنا بـ “شيء ما” ؟ أم أنّ أقصى ما يقتضيه هو أن يلبس حكّامنا الجبّة في المناسبات الدينيّة وأن يبدؤوا خطبهم بالبسملة وأن يؤدّوا اليمين القانونيّة على المصحف الشّريف ؟
7. سؤال رقم 2: (سؤال ساذج جدّا وحسن النيّة جدّا): لماذا لا تقيم الدّولة التّونسيّة الحدود ؟ ألأنّها دولة علمانيّة ؟ أم لأنّها تتبنّى فهما مقاصديّا سهميّا (حسب تعبير محمّد الطاّلبي رحمه اللّه) للإسلام ؟
8. سؤال رقم 3: أيّهما خير: علمانيّة واضحة تحترم الدّين ولا تحكم به أم سياسة الشّبه-شّبه (شبه علماني-شبه إسلامي) ؟
9. سؤال رقم 4: يضمن الدّستور حريّة المعتقد للجّميع وهذا أقلّ ما يمكن أن يطلب منه فليس الأمر منّة ولا فضلا وإنّما تقرير لحقّ أعطاه اللّه لخلقه ولا حقّ لأحد أن ينتزعه منهم. هذا الفصل إذن موافق لروح الإسلام ولنصوصه قبل أن يكون موافقا للإعلانات والمواثيق التّي لم يلتزم بها كاتبوها ولا أحفادهم. المشكلة الوحيدة هي أنّه يحتاج هو الآخر إلى ترجمة عمليّة. مثال: إذا كان الإسلام يحرّم زواج المسلمة -المسلمة وليس التّونسيّة- من غير المسلم -غير المسلم وليس الأجنبي- فما الذّي يمنع التّونسيّة التّي تختار أن لا تلتزم بتعاليم الإسلام أن تتزوّج بمن شاءت ؟
10. سؤال رقم 5: بلغنا أن “مشائخ الزّيتونة وعلماؤها” أصدروا بيانا يردّون فيه على خطاب رئيس الجّمهوريّة. هذا أمر جيّد لأنّنا نريد لهذا الدّين أن يتكلّم لغة العلم لا لغة الإنفعال ولأنّ هذا دليل على أنّ ثورة الفقراء والشّباب أعادت إلى النّاس ألسنتهم المقطوعة ولأنّ هذا البيان يقطع مع تقليد فقهاء السّلطان -ولو كان السّلطان منتخبا-. نحتاج فقط إلى أن يقدّم لنا “مشائخ الزّيتونة وعلماؤها” أنفسهم: من هم ؟ وكيف يتصوّرون دورهم في مجتمع مفتوح ؟ وهل هم على مذهب واحد ؟ وهل هناك مدرسة زيتونيّة في الفقه ؟ وإذا كان ذلك كذلك فما هي معالمها؟
11. سؤال رقم 6: (مكمّل للسّؤال السّابق): ماذا يقول “مشائخ الزّيتونة وعلماؤها” في البروموسبور ؟ وفي “دليلك ملك” ؟
12. سؤال رقم 7: (مكمّل للسّؤالين السّابقين): عادت الى السّطح بعد خطاب رئيس الجّمهوريّة مسألة في غاية الأهميّة وهو مسألة التّعامل مع النّصّ ويبدو أنّ لعلماء الأمّة آراء مختلفة في هذا الموضوع. من يفسّر هذه الآراء لعامّة المسلمين ؟ من يعطي لجماهير هذه الأمّة الأدوات اللازمة لفهم دينهم ؟
13. سؤال أخير: (موجّه إلى إخواننا في حركة النّهضة واللّبيب من الإشارة يفهم): ماذا يعني انتمائي إلى الإسلام ؟
14. نتمنّى لكم جميعا نهاية صيف سعيدة وأجوبة دقيقة على كلّ الأسئلة المتعلّقة بدينكم ودنياكم التّي لم يمنعكم الحرّ القائظ من طرحها كما تدلّ على ذلك ردودكم -الهادئة أو المتشنّجة، الموافقة أو المعارضة- على خطاب رئيس الدّولة.