يجوز لي الآن توضيح علاقتي بالمرزوقي دون مس من أخلاق الفرسان..

الحبيب بوعجيلة
كانت علاقتي أفقية بالدكتور منصف المرزوقي منذ لقائي في سنوات الالفين وأنا عضو مكتب سياسي في حزب غير حزبه. اعتبره باستمرار واحدا من رموز التمرد على الترتيب الاستبدادي للمعارضة والمجتمع المدني وأحد أهم الفاعلين في زعزعته مع حمة الهمامي ونجيب الشابي ومصطفى بن جعفر وعدد كبير من النساء والرجال مثل أم زياد وراضية النصراوي وسهام بن سدرين وغيرهم ممن استثمروا بشرف في فتح مجال الفعل الاصلاحي الراديكالي العلني بعيدا عن أكاذيب السرية الثوروية المزعومة أو المعارضة الموالية.
بعد الثورة كتبتُ من اجل تواصل الكتلة التاريخية للمعارضة الديمقراطية الراديكالية ولكن مياها كثيرة قد جرت واكتشفتُ امراضا وعوائق كثيرة فكرية وتنظيمية وذاتية واخلاقية تنخر النخبة التونسية التي تعجز باستمرار عن صياغة التأليفيات والدروس.
ساندتُ المرزوقي رئيسا أملا في أن يكون زعيم تأليف واختزال مشروع تحرر وطني ديمقراطي أو علماني مؤصل يكون قريبا من نموذج يسار لاتيني أو مصدق ايراني أو غيرها من أحلام واكتشفتُ في أثناء التجربة عوائق عديدة في الفكر والكادر المحيط به وفي قناعاته أحيانا سواء في الرئاسة أو المؤتمر من اجل الجمهورية وكتبتُ في ذلك وحدثتُه عنه في لقاء خاطف مكنوني منه وهو رئيس بعد عودتي من المؤتمر العلمي التحضيري لمنظمة عدم الانحياز في طهران. وكتبتُ ذلك في رسالة مفتوحة منشورة على جداري وعلى مواقع عدة.
في انتخابات 2014 ساندته فرديا بالكتابة والتعبير والتنظير للمبررات المحلية التي دفعتني الى تفضيله على الباجي قايد السبسي دون اهتمام بممارسات بعض مقربيه من آكلي الرجال والكفاءات ممن حرموه من امكانيات كبيرة للمراجعة وتحيين افكاره وممارساته في عديد جوانبها.
شرفني بوضعي في مواقع متقدمة أثناء الاعداد لمشروع الحزب الجديد وحاولتُ وضع قدراتي في صياغة الحلم كما انتظر ودعاني الى ذلك شباب ومتابعون صادقون وأصدقاء أو خصوم يريدون خيرا للرجل وكثير من أفكاره لكنني لم أوفق في ذلك لاسباب عديدة منها الذاتي ومنها الموضوعي وضعتُها بين يديه ولا يعلم تفاصيلها الا هو وعدد من كبار صانعي الأفكار والسياسة من المحيطين فانسحبتُ بصمت وعدا له بأخلاق الفرسان في أن لا يتحول ذلك الى حدث يستثمره المعادون والمغرضون وتحملتُ ضريبة الصمت أكاذيبا ومزاعم تهتك العرض أحيانا ليبرر بها “أصدقاء أعداء” انسحابي لاخفاء العمق الحقيقي لهذا الانسحاب الذي يدين الكثير منهم فكرا وقيما.
انسحبتُ في استقالة صامتة منذ أكثر من سنتين قبل المؤتمر الأخير للحزب وأنا في موقع متقدم واحتفظتُ بكل الود مع كل شركاء الأحلام الوطنية. صمتي كان ضريبة اشتغل عليها عديد المغرضين لصنصرة حضوري الاعلامي والتنقيص منه بصفة الاعلامي والكاتب المستقل. ولكن شرف الفرسان منعني من تحويل انسحابي الى خبر وبوزز مادامت كتاباتي توضحه.
اورد هذا التوضيح بعد ارتفاع الحرج اثر استقالة علنية لعدد من الاصدقاء تجنبا لمواصلة البعض حشري في شؤون هذا الحزب. ولن أحلل ما حدث الا في سياق تحليل المشهد الحزبي التونسي ككل. فالجميع في المآزق سواء.

Exit mobile version