انتبهوا،، واطمئنوا
عبد الحميد الجلاصي
واخيرا انتبهت الفئة التي افتكت مؤسسة الأزهر العريقة أن خطرا ماحقا يهدد الاسلام في تونس ومن تونس بسبب فتح النقاش في قضايا تهم الميراث وتهم زواج المسلمة من غير المسلم.
لهذا النقاش سيشغل التونسيين للأشهر القادمة، ونعتبر ان طرح الموضوع في هذا التوقيت وفِي هذا السياق لم يكن موفقا، بل لعل ضره اكبر من نفعه، ولعله يَصْب في مصلحة دعاة الغلو والتشدد في بلاد من اولى أولوياتها مضاعفة اليقظة لمناهضة الإرهاب.
غير ان ما يلفت الانتباه في موقف “نومانكلاتورا الأزهر” انه ياتي يوم الرابع عشر من اوت، وفي مثل هذا اليوم منذ اربع سنوات دهست الدبابات، التي تحترم الشريعة وانصبة الارث، اللحم الطري مباشرة أمام شاشات التلفاز. ربما كان يسع سادتنا الصمت، ولكنهم فوتوا فرصته، وتكلموا، وكانوا في الضفة الاخرى.
سادتنا يساندون سلطة تسجن عشرات الآلاف من اجل ارائهم، تساهم في حصار غزة، تشارك في تحالف رباعي يحاصر شعبا عربيا في رمضان المبارك. ولم ير السادة العلماء شيئا من ذلك.
سادتنا، أقرؤوا كتابكم. قبل الحديث عن المساواة في الارث يجب ان نتحدث عن المساواة اولا. اقروا الكتاب ستجدون ان آيات المواريث على أهميتها تفاصيل امام “ولقد كرمنا بني آدم”، و”ان الله يأمر بالعدل والاحسان”، و”يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم”.
انتبهوا قليلا، فـ “من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا”،
انتبهوا قليلا : فلحرمة عبد مؤمن أكبر عند الله من هدم الكعبة.
انتبهوا قليلا لبلد اسمه مصر، ولحرية المصريين ولكرامة المصريين.
واطمئنوا على الاسلام في تونس، وعلى مراعاة احكامه ومقاصده وشعائره، فهي محمية بدستور الجمهورية الثانية، وهي محمية بالديمقراطية والحوار وتدافع النخب والقوى المجتمعية، وتفاعل المؤسسات الرسمية، وكل ذلك لا ينتج الا الخير، والعقول المنفتحة هي وحدها التي تحقق معاني صلاحية الدين لكل زمان ومكان، ومعاني “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”، وهي التي تقضي على شطط ذات اليمين وذات الشمال.
قرات بيانا منسوبا لهيئة دينية في بلادنا. ان صح نص البيان يجب ان نترفق بأهله وأن نعلمهم ان ثورة وقعت في البلاد حررت العقول والإرادات والأنفس من الخوف والطمع، وحررت اللغة ايضا.
يجب ان نترفق بهم ونعلمهم ان اللغة الخشبية انتهت، وذهبت مع العصور البائسة. وان نعلمهم ان ادارة الشؤون الدينية قد تحررت من سطوة السلطة السياسية.