عبد القادر الونيسي
ما فتئت النهضة منذ الإنتخابات الأخيرة تبعث برسائل سلبية لعموم قاعدتها ولشريكها في الحكم وللباجي بصفة خاصة. لم يحس الباجي مع النهضة أنه أمام شريك في الحكم يملك أكبر كتلة نيابية وأكبر حزب في البلاد. التبعية التي أظهرتها النهضة والتكيف مع مواقف النداء ومؤسسه جعلها في موقف التابع وليس الشريك.
الداهية السبسي استعمل طريقة الإيحاء لترهيب النهضة وذلك بالتذكير بين الحين والآخر بما آل إليه مصير حركات مشابهة والضغط المسلط عليه ولكنه يرفض ذلك. في خضم هذا الوضع تأسس عند جزء من قيادة الحركة أن الباجي هو حبل النجاة الوحيد وأن غيابه يعني الدخول في المجهول. التقط الباجي بحس “الحيوان السياسي” هذا الهلع المرضي عند جزء من قيادة الحركة ليطوعها أكثر وتصبح رهينة إشاراته ورغباته.
قسوة المحن المتتالية وجراحها التي لم تندمل ودهاء الطرف المقابل عطل استشعار النهضة لنقاط قوتها (تجذرها الجماهيري. دورها الرئيس في استقرار البلاد. تعاطف الظهير الجزائري…) جعلها ترسل الرسائل الخاطئة لحليفها حتى يتمكن من السيطرة عليها أكثر وربما الإجهاز عليها في مرحلة لاحقة.
المعطى الآخر الذي ضاعف من هواجس النهضة هو الإصرار على رفضها من عموم المشهد السياسي وافتعال الحملات لترهيبها ومداومة الضغط عليها وهذا في تقاسم واضح ومتفق عليه مع النداء إضافة إلى انخراط الأحزاب الثورية أخيرا في نفس المعركة في استعمال لها لتحقيق أجندات ستكون هي الخاسر الأكبر فيها.
في ظل هذا الوضع المختل جاء الإعلان عن إلغاء حكم شرعي عجز عنه بورقيبة في أوج سطوته (قانون الميراث) وهذا الحدث الخطير له وجهان :
الوجه الأول : الباجي تجاهل إعلام شريكه في الحكم الذي لم يعد يمثل إلا المصطف والتابع وتلك رزية.
الوجه الثاني : استشار الشريك ووافق وتلك رزية أكبر.
في جميع الحالات ننتظر توضيحا من النهضة.
“فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ…”
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.