الأمين البوعزيزي
حضور معمر القذافي (رحمه الله) في وجداني رسخ منذ الطفولة. أنا إبن زمن سلطة الراديو؛
تلميذٌ خلال ثمانينات القرن الماضي بمعهد ثانوي يعج بالتيارات السياسية.
(قراءة الكتب ذات المضمون السياسي خفية عن رقابة القيمين نهارا والاستماع ليلا إلى الراديو (كان بحجم الهواتف الجوالة لاحقا) خفية أيضا عن أعين القيمين في المبيت (القسم الداخلي). برامج إذاعة صوت الوطن العربي. “مع الثائرين في مواقعهم”. “صوت عبد الناصر”. “محاضرات القائد”… وأغاني “أنا العطشان ماليش ميّة إلا فلسطين..”.
تقول أنت كبرنا على حب القائد…
زرت ليبيا أول مرة في التسعينيات. كنت كما المؤمن المتوهج الذي يزور المدينة المنورة مثوى نبيه وحبيبه محمد (ص). كيف لا وأنت تزور مثابة الثوريين…
كانت صدمتي موجعة جراء التسيب واللامبالاة وفوضى السوق… جنبا إلى جنب مع أنبل الشعارات التي تعج بها الشوارع والساحات… لكني وجدت التبريرات… أليست الجماهيرية تحت حصار ظالم!!!
ووجدت العزاء في طيبة وكرم شعب عظيم… إنهم الليبيون…
لكن ما شكل صدمة ومنعرجا جذريا في قناعاتي السياسية هو رد فعل الليبيين الطيبين، كلما مرة أجاهر فيها بالتزامي القومي وحب القائد. يعم صمت مفاجئ في جلسات كانت صاخبة قبل دقائق… أنتبه إلى العيون التي لا تصمت بل تواصل ما جبنت الأفواه عن الجهر به؛
تصرخ العيون: “عليك اللعنة ألا تخجل؛ تجاهر مفتخرا أنك مرتزق يا حقير!!! تجاهر بحب من جعلنا أضحوكة يتندر بها إللي يسوى واللي ما يسواش؟؟؟
أن تقول أنا قومي في ليبيا زمن معمر كمن يقول أنا تجمعي زمن بنعلي. هكذا كان الليبيون ينظرون إلى القوميين السلطويين في ليبيا… يحتقرونهم ويخافونهم… قطيعة كلية؛ فما بالك أن تكون أجنبيا وتجاهر بهكذا قناعة. أنت جاسوس ومرتزق حقير!!!
آآآآآي رأسي…
وقفة مع الذات وكف عن الزغاريد الأيديولوجية وانكباب أسطوري على قراءة كل النقد (الملتزم والمعادي) الذي وُجّه للتجارب “القومية” تنظيرات وتنظيمات؛ حاكمة ومعارضة… والنتيجة مزيد الإلتزام بقضية فلسطين وحق أمة العرب في تقرير المصير؛ وكفر وبراءة من تجارب الحكم المستبد المستند إلى الانقلابات وحكم المخابرات… وانخراط ميداني في الاتحاد العام لطلبة تونس في خريف 1995 (كان ذلك صلب مبادرة سياسية لطلاب قوميين تفاوضوا مع المناضل الشيوعي الكبير الطاهر قرقورة ورفيقه لطفي الهمامي). وانخراط لاحقا في الاتحاد العام التونسي للشغل (ومازال)؛ وانخراط في نهج النضال الإجتماعي الملتحم بالفئات الإجتماعية الهشة… وصولا إلى عشية 17 ديسمبر 2010 التي مثلت فلسفة تحويل مأساة فرد إلى مأساة جماعية فذاك علم الثورة ونهجها…
كانت قناعاتي كوحدوي عربي (في لج انتفاض إجتماعي مواطني محلي)؛ مؤطرة بخيار إنتهيت إليه بعد مراجعات موجعة: الثورة على النظام الرسمي العربي رصاص في بنادق المقاومة الفلسطينية…
كذا كنت أفكر وأمارس إلى حدود كتابة هذه التدوينة…
سرعان ما اتسع أطلس 17 ديسمبر من جعرافيات ضيقة إلى حالة تونسية إلى مدارات عربية… كنت أرى الحلم يتسع… وكنت أرى نهج الثورة أفقيا تهجس به نفوس المقهورين المذلولين المستباحين لعقود طويلة… ازددت قناعة بمراجعاتي الموجعة…
عشية تصفية معمر القذافي اختلطت مشاعري؛ فرحا لبلدي تونس من تدخل إجرامي ينفذه “قائد أممي”/ ملك ملوك أفريقيا الذي وبخ التونسيين علنا وقال “الزين كويس والله”؛ كما قال ذات 7 نوفمبر 87 “الأخ زين ضابط وحدوي حر” !!!
وفرحا للشعب الليبي الطيب الذي تلقف صرخة ديسمبر في فبراير… وحزنت لموت قائد حسم فيه عقلي مطلقا لكنه لم يغادر قلبي!!!!
هل فيكم من يكره اباه وإن كان كافرا؟؟؟
إنها العاطفة يا سادة… شريطة عدم التواطؤ مع كفر أو تبريرا لجرائم من نحب!!!.
لطالما ساند الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر الثورة الكوبية وأبطالها فيديل كاسترو ورفيقه أرنستو جيفارا وغيرهما كثير… زارها ذات مرة وعاد مصدوما منددا بجحيم التسلط محرضا على شيوعية انسنية. وفي لحظة يتحول من فيلسوف الثورة ولسانها إلى عميل السي آي إيه فقط لأنه قال الأساليب من جنس الغايات يا رفاق وإلا فإن الثورة مهددة بفقدان حاضنتها الإجتماعية التي تحميها لأن الرهان على المخابرات يعزل الثورة أكثر فيكون ضربها أيسر !!!
هذا هو سر خلافي مع الشبيحة المتقومجين؛ ووحوش الستالينجية في تونس.
أوفياء ما بدلنا تبديلا… لكن القومجيين غوغائيون يكتفون بالزغاريد الأيديولوجية والانقلابات العسكرية إصرارا على التقدم على طريق مسدود تأبيدا للهزيمة!!!
واجب تحرير عروبة نشأت بديلا مواطنيا فحولها مختطفوها جحيما فاشيا شوفينيا.
كل المساندة للقوميين والشيوعيين في سورية وعلى رأسهم المفكر المناضل الشيوعي #سلامة_كيلة الذي يجلده ستالينجيو الغولاغ الحمقى في تونس والمفكر الوحدوي المناضل #حبيب_عيسى الذي يجلده شبيحة المتعة في تونس.
———— وفود المرشانة بقيادة بوخنانة: قومجيون فاشيون وشوفينيون مرتزقة.
#عذرا_شعب_سورية_العظيم.
#وطنيون_عرب: #مواطنة_مقاومة_سيادة.