كمال الشارني
عندي صديق طريف ما يزال يرفع بحماس صادق شعار “دينار دينار ونرجعوا الغنوشي إلى لندن”، وهو ممن يعتقدون أن الغنوشي ينام على ثروة مالية عالمية ومساعدوه يملكون نزلا ويخوتا وأموالا طائلة، لكن صديقي لا يملك طبعا إجابة تستحق أن تكتب عن أسئلة من نوع ماذا نفعل بمليون ومائتي ألف ناخب للنهضة بعد طرد زعيمهم التاريخي.
ومرة تعمقنا معه في الحوار من باب الفدلكة فانتهى به الحماس المفرط إلى اقتراح معمر القذافي: “نضعهم في بواخر شحن ونفجرهم في البحر”، صديقي طريف وحبوب ومسالم جدا لا يمكن أن يقتل ذبابة، ونحن لا نأخذ كلامه مأخذ الجد طبعا، لكننا إزاء معضلة عربية وهي “ماذا نفعل بالإسلام السياسي”، أو ماذا يفعل بنا، وهي معضلة حقا من حيث أن ممثلي الإسلام السياسي ينجحون في الديموقراطية حيث تفشل البدائل التي تنسب نفسها للديموقراطية لكنها سريعا ما تنتهي إلى إعادة إنتاج فساد أكثر مما كان.
وعندي صديق آخر يؤمن بوجوب اختراع ديموقراطية دون مشاركة الإسلاميين، لكن ثمة مشكلة منهجية هنا، هي كيف نفرق الإسلامي عن غيره ونمنعه من الانتخاب أو الترشح بعد أن صعب علينا بعض التقدميين الوضع بإطلاق اللحي، ثم إن كثيرا من التقدميين ينحون بعد التقاعد ومواجهة الفراغ والكآبة إلى التعبد والاغتسال من ذنوب الحداثة، وهذه مشكلة أخرى، وعموما، نحن سنعجز عن إقناع الأمم الصديقة والشقيقة بغرابة أن نصنع ديموقراطية بإقصاء أكبر طرف سياسي في البلاد، فما بالك بوضعهم في بواخر وتفجيرهم في البحر، حتى أخذا بخاطر صديقي الغبي، وسيتعذر علينا أكل السمك في البحر المتوسط لأعوام طويلة لأن لحمه من لحم أكثر من مليون بشر مؤمنين وهذا لم يحدث أبدا في تاريخ البشرية بالإضافة إلى أننا سوف نحتاج إلى قتل مثل هذا العدد من البشر ليس سهلا عمليا، وبالنظر إلى ما قرأتموه، ليس هناك من حل إلا مساندة بشار الأسد، ونحن العرب لا تصلح لنا الديموقراطية الكخة الفاحشة، ولا الحريات، في انتظار أيام أفضل ؟
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.