Site icon تدوينات

الحارقون جهرا إلى سوريا للحجّ وتقديم الولاء

عبد القادر عبار
حارقٌ.. ومحروقٌ.. وحرائق
حارق… اسم فاعل من حرَقَ
وحَرَقَهُ بِالنَّارِ عافانا وعافاكم الله: أي أَصابَهُ بِها وجَعَلَ النَّارَ تُؤَثِّرُ فيهِ أَثَرَها الْمَعْهودَ
والحارِق من معانيها كذلك: هي سِنُّ السَّبُع.. الذي خُلِق ليفترس.. ومن السياسيين سباع انتخبت لتفترس على طريقتها.
أما “الحارق” في المصطلح الشعبي التونسي فهو الهارب إلى ايطاليا سرا عبر المتوسط.. بحثا عن وطن الخبز والشغل.
وأضيف إليه صنف جديد وهم الحارقون الرسميون جهرا إلى سوريا عبر الجوّ، للحجّ إلى”قُليْس أبْرهة” والتبرّك ببقايا الصفيح المقدس من البراميل المتفجرة، والطواف حول “العنقاء” وتقديم الولاء.
وأما المحروق في هذا الوطن فكثيرون.. فالثورة محروقة في مسارها وأهدافها بضرّتين نكدتين هما الثورة العميقة والدولة العميقة.. والتي ينتظر المجرمون في حقها.. يوما عاصفا ليَذْرُوا فيه رمادها ويطووا فيه سجلها.. ويكبروا عليها أربعا لوفاتها، والشعب محروق في معاشه وحقوقه وأحلامه، والديمقراطية محروقة في برلمانها ودستورها وتشريعاتها..
وأما عن الحرائق في طبيعتنا وتضاريسنا فحدث ولا حرج..
فقد بدأت ألسنة النار تمتد إلى كل يابس وتخنق كل أخضر في كثير من جبالنا وسهولنا وودياننا، وتزدرد حتى عمران الفقراء والبسطاء، فها هي تشتعل في جندوبة ولا حس للدولة ولا أثر لرجالها، وتتوسع في جبال خمير وفرنانة وطبرقة وبني مطير وعين دراهم وببّوش… ربما لم يصلهم بعد دخانها ولم يلفت نظرهم احمرار لهيبها… فالمكيفات لا تشتغل إلا في القصور المغلقة، وهم للتبريد عاشقون وبالاستجمام والتشطّط مُولعُون.. وكأن شعارهم “اليوم خمر، وغدا أمر”..
لك الله يا وطنا.. شبِع وأُتْخِمَ حرائق.

Exit mobile version