Site icon تدوينات

26 جويلية: ذكرى الروز بالفاكهة أو “صِفّين تونس”

أحمد الغيلوفي
ساحاول اعطاء تأويلات متعددة لاكبر عملية تحيّل تعرض لها الشعب التونسي في تاريخه:
1. علم النفس التجريبي “الروز بالفاكهة” هي نُكوص طفولي: وهي ظاهرة نفسية تحدث في الظروف العاصفة حين يعجز الفرد عن مواجهة الواقع، فيرتدُ الي سلوك يميز حالة الطفولة، وهي حالة تُبيّن العجز وطلب الحماية من الاب. في الحالة التونسية وقع قتل الاب من طرف “الابن الاكبر”، ثم وقع قتله ثانية في 14 جانفي. “الروز بالفاكهة” هي حيرة الطفل التونسي الذي اصبح راشدا امام مصيره. الخطوات الاولى بلا “اب/قائد” مُخيفة ومُرتبكة، لذلك استدعى طيف الاب المقتول فكان السبسي: مسخ وآلة كذب حقيقية: “قال بورقيبة..” الندم الذي يشعر به بعض الكائنات الرخوة عن الثورة هو ذلك الندم الذي يشعر به الابن الجبان عن عصيان ابيه وخروجه من البيت في ساعة غضب. يزداد هذا الندم عند اقتراب الظلام، وغالبا ما يرجع هؤلاء يدقون الباب في ذل وهوان. “الظلام” هنا هو الرصاص والدم والاغتيالات، والذين “شهِدوا” الروز بالفاكهة هم الابناء الندامى عن الخروج عن طاعة الاب، والسبسي هو مسخ من بورقيبة وبن علي.
2. علم الاجتماع السياسي: الفضاء الانساني هو فضاء الصراع على الثروة والسلطة. وكل سلطة لابد لها من امرين: تحالف قبلي او جهوي او طبقي، واساطير رمزية تُقنع المحكوم بالاذعان. في تونس هناك تحالف جهوي/مالي/امني: السواحلية+البلدية+راس المال+كبار القادة الامنيين، مع اساطير تركها “المجاهد الاكبر” واضاف لها “الابن البار” اسطورة “الاصلاح والتغيير”. سقطت هذه الاساطير فرفض المحكوم الاذعان وثار وجاء بقوم من خارج التحالف القديم. “موقعة الروز” هي “صِفّين التونسية”: شكري بلعيد والبراهمي استعملهما السبسي بوصفهما “عثمان”، ويوم 26 /07 وقع رفع البورقيبية على السّيوف مع دماء الشهداء. ما تعرّضت له الترويكا والشعب التونسي من قتل وتخريب واغتيالات كلها من تدبير غرفة عمليات مشتركة بين النظام القديم والقوى الخارجية التي تخشى التغيير في تونس.

Exit mobile version