شكري الجلاصي
منظومة الديكتاتورية كانت تعتمد في تركيبتها على ركيزة أساسية وهي منظومة الفساد الإداري التي يؤثّثها ويدور في فلكها كبار الموظفين والسياسيين ورجال ونساء أعمال فاسدين وخلايا كالنمل منتشرة في كل أجهزة وقطاعات الدولة وأذرعها.
إستكرشوا وكونوا ثرواتهم الطائلة بالفساد والرشوة والنهب والسرقة والتحيل والتدليس والتهرب الضريبي والجبائي والسوق الموازية والتهريب والإحتكار والمضاربة اللامشروعة والإستحواذ على أملاك الدولة وتلويث البيئة وانتهاك معايير الصحة العمومية وانتهاك الحقوق الإجتماعية للعمال واستعبادهم وتخريب الإقتصاد الوطني.
خرّبوا الحرث والنسل والعقول والأخلاق حتى أصبحت إنعدام الثقة وتحديم المخّ والنوايا المڤعمزة وشاشية هذا على راس هذا والإنتهازية والتملّق والزبونية والرغبة الجامحة في الكسب غير المشروع وإستباحة القانون والتعدّي على الملك العام هي القاعدة في المجتمع ومن خالف ذلك الإستثناء.
بن علي كان دوره زعيم قطاع الطرق يقبض تحت الطاولة نقداً مقابل ترك تلك المنظومة تعيث فساداً، والسماح وإعطاء الضوء الأخضر لكل تلك التجاوزات والخروقات والصفقات الممنوعة التي تقوم بها عصابة السراق المافيوزية.
اليوم السبسي وحكومة النداء والنهضة يريدون تبييض جرائم تلك المنظومة الإقتصادية الفاسدة التي عبرت عبر المرفق الإداري ولا تزال تخرّب الاقتصاد وتقبض على أرواح التونسيين،
إضفاء جرعة مناعة لجهازها الوظيفي بما يسمح لها مجدّدا أن تباشر بكل نهم وبالقانون عملية النهب المنظّم،
هذه هي جرعة “الزيت زيتونة” التي تحدث عنها قائد المخازنية في حملته الإنتخابية ووعد بصبّها لتدور العجلة… عجلة الفساد !