صمت البعض عن جرائم داعش، وصمت البعض الآخر حاليا عن عمليات الانتقام الإجرامية في الموصل، وصمت طرف عن جرائم نظام الأسد ضد الإنسانية، والصمت المقابل لآخرين عن جرائم بعض الفصائل في سورية، أنواع الصمت هذه، وأنواع الصراخ التي تقابلها، تشير غالبا إلى معضلة أساسية هي إحلال العصبيات الجماعتية الطائفية والقبلية وغيرها محل المعايير الأخلاقية.
غياب المعايير الأخلاقية هذا، أو تغييبها، لا يقتصر فقط على التعامل مع الجرائم الواضحة الكبرى، بل يظهر أيضا في عادية الحياة اليومية في كل مرة تُذكَر فيها طائفة الشخص أو انتماءه القبلي، وكأن هذا الانتماء بحد ذاته يمس بكفاءته أو موقفه، أو يشار إلى طائفته للمس به عند خوض نقاش معه، وكأن مجرد ذكر ذلك يدحض موقفه. هذا الغياب اليومي “العادي” للمعايير الأخلاقية واستبدالها بالعصبيات هو أساس ذلك الصمت الإجرامي الصادم.