عبد القادر الونيسي
“كافون” نسأل الله له الشفاء العاجل يصرح أن الدنيا وما فيها ما عادت تعنيه وأن السعادة في “الرجوع إلى ربي”.
كنا في ما مضى من الزمان نأخذ بأيدي التائبين نساعدهم نحو بناء مستقبل أجمل. نساعدهم لإيجاد عمل. نساعدهم لتأسيس أسرة. نسعى لنقلهم من بيئة الفساد والإنحراف إلى بيئة إيمانية نظيفة وحياة رائقة. نعلمهم دين السماحة وحب الناس والخير ندعوهم إلى تدين تعارف عليه علماء البلاد واطمأنت إليه قلوب العباد. كم من صولات وجولات كانت للدعاة في الملاسين والكبارية وديبوزڥبل وحي التضامن ومضارب شتى…
ما انتصفت الثمانينات حتى حسن حال هذه الأحياء وامتلأت المساجد وتراجعت الجريمة وصلح حال الناس. كنا نتجول في هذه الأحياء (كان البوليس فيما سبق لا يجرؤ على دخولها) في ساعات متأخرة من الليل فلا نرى منكرا ولا نسمع آذية. تفطن الإستبداد مبكرا لهذه الظاهرة فسارع إلى إعتقال الدعاة وتخيير التائبين بين العودة للإنحراف أو السجن ولعل “السكاتش” الشهير لنصر الدين بن مختار الذي يخير فيه الموقوف بين شرب الخمر أو السجن لم يجانب فيه الحقيقة.
خلت الساحة لكل ناعق ومع سياسة تجفيف المنابع (سارية إلى يوم الناس هذا) غض النظام السابق الطرف عن الفكر الديني المتطرف بنية دفع الإشتباك إلى أقصاه بين الأطراف الإسلامية. انتشر الفكر التكفيري في تونس بفعل البترودولار والقنوات الفضائية ووجد أرضية خصبة لغياب التحصين الداخلي من علماء ودعاة ومناهج دراسية ومؤسسات دينية مع تولى إمامة المساجد متقاعدو الأمن وأعضاء الشعب الدستورية بل تعدى الأمر إلى المؤذنين إذ كان يعزل أحدهم بتهمة الصوت الجميل حتى لا يستميل قلوب السامعين. تواطأ أعداء الإسلام التقليديون في العالم على خطة جهنمية تقضي بضرب الإسلام الذي ألفته الأمة وكان عنوان وحدتها وصمودها بإسلام متطرف متوحش صنعوه في أقبية المخابرات والمؤامرات.
نجحت الأطراف المعادية في صنع داعش التي أثخنت جسم الأمة تكفيرا وتقتيلا وتدميرا ولم تخدش إسرائيل حتى خدشا عارضا واختصت باقي الجماعات السلفية إلا ما رحم ربي في ترويض الشعوب للحكام المستبدين وتكفير دعوات المقاومة والتحرر. في ظل هذه السياسات الجهنمية نصبت فخاخ للذين سئموا حياة المجون والفجور وروادتهم التوبة للإيقاع بهم وتوظيفهم في منكر أكبر وجرائم أبشع ولكن هذه المرة بإسم الدين.
لهذا عذرا “كافون” أخشى أن تلقى مصير زميلك مغني الراب “أمينو” الذي مات مقتولا في الرقة والذي سيبوؤ بإثمه كل من شارك في خطة تجفيف المنابع في الداخل والخارج.
رغم هذا أرجو لكافون من كل قلبي توبة صادقة وحياة سعيدة.