صالح التيزاوي
توجّهت إلى صلاة الجمعة وأنا أمنّي النّفس پان تواكب خطبة الجمعة ما يرتكبه الصّهاينة من انتهاكات بحقّ المسجد الأقصى حيث لم يحدث أن تجرّأ الصّهاينة على المسجد الأقصى كما فعلوا اليوم، في تحدّ صارخ ليس للفلسطنيين وحدهم، وإنّما للأمّة العربيّة والإسلاميّة. بينما يقف الفلسطينيون على أبواب الأقصى ممنوعين من دخوله لأداء عبادتهم، آثر إمام الجمعة أن يراوغنا، عندما تناول موضوعا آخر لا يمتّ للأحداث الملتهبة في فلسطين بصلة: “تبرّج المرأة وأخطاره على الامّة”.
فهل أصبح تبرّج المرأة هذه الأيّام أخطر على الأمّة من الصّهاينة ؟ أليس من الطبيعي أن تتعاطف مساجد الأرض كلّها مع شقيقها “المسجد الأقصى” في أيّام محنته؟ وذلك أضعف الإيمان. فضّل خطيب الجمعة أن يحدّثنا عن مخاطر التبرّج على الشباب المراهق وعلى المجتمع وعلى الأمّة، فقال بانّه انتهاك لحدود الله، ولكنّه لم يشر من قريب أو بعيد إلى أنّ أعظم انتهاك قد ارتكبه الصّهاينة بحقّ المسجد الأقصى. ولم يشر إلى انتهاك نظم الإستبداد في عالمنا العربي لحقوق مواطنيهم. تبرّج المرأة “قلّة حياء”، هكذا قال “إمامنا” ولكنّه تغافل عن قلّة حياء النّظام الرّسمي العربي الذي يقف عاجزا بل ربّما متآمرا مع الصّهاينة على قضايا الأمّة. وهل ثمّة قلّة حياء وقلة إنسانيّة أعظم من منع المتعبّدين من ممارسة عبادتهم. بدا لي الإمام وكأنّه ينفّذ تعليمات، تماما كما في العهد النوفمبري عندما وظّف المخلوع كل ّشيء لخدمته. حتّى المنابر لم تسلم من التّوظيف. المسجد الأقصى يصرخ وينتحب، وإمامنا يصرخ على المنبر مندّدا بتبرّج المراة.
لقد اراد الإسلام صلاة الجمعة مناسبة أسبوعيّة يجتمع فيها المسلمون على أوسع نطاق لتجديد صلتهم بدينهم وببعضهم بعضا وبقضايا أمّتهم. فإن حادت خطبة الجمعة عن وظيفتها تلك، وغفلت عن قضايا الأمّة فإنّها تصبح ضربا من الكهنوت وتزييف الوعي، بل وتشويه للدّين باسم الّدين.