كمال الشارني
أنا لا أحتمل جماعة الراب، “بيني وبينهم فلسة”، لكني لا أوافق أعوان الأمن في الامتناع عن تأمين حفلاتهم المرخص لها قانونا، بطلب من نقابتهم أو حتى من أعلى سلطة في البلاد، الحق في الأمن مقدس ومجرد من التقييم السياسي والأخلاقي إذ يفترض أننا ندفع ثمنه متساوين: مواطنين صالحين يعجبون نقابات الأمن ومتظاهرين غاضبين وفوضويين ومغنيي راب.
الأمن العام حق المواطن وغير المواطن دون تمييز وواجب الدولة، وليس رهين اجتهاد أو رؤية أي طرف في المؤسسة الأمنية، إذا امتنعوا اليوم عن تأمين حفلات الراب، فقد يتخلون غدا، وفق نفس المبدإ، عن تأمين أي شيء لا يعجب إحدى نقابات الأمن، غدا، قد يقول لك عون أمن حين تطلب منه النجدة: بيني وبينك خلاف، لا أحبك، أنت تشتمني، ابحث عمن يحميك غيري،
ليس من حق الأمن أن يفعل ذلك، أن يميز بين الناس وفق تقييم المصلحة أو المضرة أو المنفعة وإلا لن يكون أمنا جمهوريا.
في الأثناء، يسمح القانون لنقابات الأمن، وللمجتمع المدني أن تتظلم لدى القضاء ضد من يمس من القيمة الاعتبارية أو المادية لمنظوريها، أن تطلب إيقاف أي عرض فيه مخالفة للقانون في قضية استعجالية يتم فيها احترام دور القضاء وسماع الطرفين، أن تطلب التعويض عن الضرر الأدبي والمادي إن لزم الأمر، أما أن تقرر من تلقاء نفسها من يستحق خدماتها ومن لا يستحقها فهو أمر خطير.