Site icon تدوينات

في الحدود الهلامية للدولة والأمن والثورة

كمال الشارني

كمال الشارني

كمال الشارني
السيد لطفي التواتي المرشح لهيئة النفاذ للمعلومات شخص غير معروف لدى جمهور الصحفيين أو الحقوقيين أو الناشطين في المجتمع المدني، لكنه كان شخصا مهما في أواخر زمن بن علي، كان يسافر معه في طائرته الخاصة رغم تاريخه المثير للدهشة، ولم يكن ذلك متاحا لأي صحفي تونسي أيا كانت كفاءته، باستثناء أربعة أو خمسة أشخاص محسوبين على الصحافة، إذ كان من المستحيل أن تصل إلى الحلقة المقربة من بن علي، دون أن تكون قد تورطت حقا في عبادته، وأن تكون مستعدا للقتل لأجله، 
اليوم سألت الكثير من الزملاء الصحفيين عنه، أغلبهم يظنه لاعب كرة قديم في الإفريقي، بالنسبة لي، يعود السيد لطفي التواتي، محافظ الشرطة، الزميل الصحفي، صديق بن علي، صديق لطفي زيتون، النهضة، الثورة وما بعد الثورة وأشياء أخرى من وراء الخيال،
شغل السيد لطفي التواتي اهتمامي ثلاث مرات في حياتي، الأولى كان موضوعا صحفيا: محافظ شرطة في العاصمة تعرض لمحاكمة من أجل الارتشاء وهو الباعث على ذلك، اختفى زمنا، لكي يظهر فجأة في الصورة الأكثر انتشارا لرسلكة جماعة الدولة في التسعينات، في هيئة صحفي في صحيفة التجمع، تعاملنا معه وقتها بحذر، إنما علينا أن لا ننكر أنه كان شخصا لطيفا، يمكن الوثوق به رغم تاريخه وطريقة رسكلته في الإعلام، ثم ثانية حين ما لبث أن شغلنا مرة أخرى: حين وجدته يوما موقوفا في محكمة تونس في حالة تقديم من أجل قضية إيجار بيت لإيواء إسلاميين هاربين من الدولة وحكم عليه بعام ونصف سجنا حتى أننا احترنا في الحدود الهلامية بين دولة الأمن والهجمة العامة على الإسلاميين، إلا أن ذلك سيصبح مخالفا تماما للصورة التي نملكها عن السيد لطفي التواتي، فبعد بضعة سنوات كان قد عاد إلى الصحافة من أكثر أبوابها ضيقا، في صحيفة LE QUOTIDIEN، ليشغلنا ثالثة بطريقة محيرة، أنا أعرف دار أنوار ومن يشتغل فيها ومن مر بها، ولم يكن هناك أي مبرر لحضوره سوى يد عليا، غير مرئية، سريعا ما نسيت أسباب محاكمته، لترفعه سريعا في ظروف خرافية إلى الحلقة المقربة من بن علي، لم يكن للسيد لطفي التواتي أية سوابق مهنية في العمل الصحفي تبرر اختياره هو دون غيره، وهو الانطباع الذي بقي للزملاء في دار الصباح عندما تم تعيينه فجأة على رأسها، دون أية خبرة أو سوابق، سوى القرب من بن علي، وقتها قال لي زميل عريق: ‘ذنب صديقنا لطفي زيتون”.
أنا لا أعرف ما إذا كان ذلك صحيحا، لا أملك تفسيرا لصعود السيد لطفي التواتي بعد الثورة، حين كان مجرد الاقتراب من بن علي جريمة، قد يكون السيد زيتون قد اخترق المنظومة الأمنية لبن علي سابقا ليدعم لطفي التواتي هناك في زمن قمع النهضة، إنما أعرف اليوم أنه تدخل لكي يتولى السيد لطفي التواتي إدارة دار الصباح رغم أنه لا يمتلك أية خبرة في التسيير ولا في الصحافة غير ما نشر في جريدة لي كوتيديان من مديح سيدي الرئيس، ويضيع على العاملين فيها وعلى الشعب التونسي أشهرا مضنية من الصراع العبثي قبل أن يرحل، وأنه ظل يدعمه بعد ذلك.
اليوم، يقال إن السيد لطفي التواتي ما يزال مدعوما من السيد لطفي زيتون، أنا أنقل لكم ما يقال، مع أني ما أزال مصرا على أن السيد لطفي التواتي شخص لطيف جدا وخدوم لم أسمع يوما أنه ألحق ضررا بأحد، سوى بمهنة الصحافة التي ما زلت أعتقد أنه لا علاقة له بها، لم يقدم لي أية خدمة، لكني أعتقد أنه لا يمكن إلا ان يكون حيث عرفته أول مرة مباشرة: محافظ شرطة مكسر يحاول أن يبحث عن عمل، لم يتعلم شيئا من الإعلام لأنه لم يكن في أي يوم من الأيام قضيته، والدليل: كان يسافر في طائرة بن علي، لذلك لا أفهم اليوم كيف يصبح في هيئة النفاذ للمعلومة، ممثلا عمن ؟

Exit mobile version