شكري الجلاصي
لأنّ الدولة ليس لها رؤية وإستراتيجية إقتصادية لمنوال تنمية جديد فإنّ مناخ الأعمال في تونس، إِلَّا ما رحم ربّي، بقي يجنح في الغالب للربح السهل حتى وإن كان ذلك على حساب الموازنات الكبرى للدولة التي تعمّق أكثر نزيف الميزان التجاري.
وفي نفس الوقت الذي نجد فيه بعض المغامرين، وهم قلة، الذين إستثمروا في القطاع الصناعي يواجهون صعوبات جمّة تكبّلهم ولا يجدون العون والمساعدة من الدولة لمواجهة المنافسات الأجنبية الغير شريفة.
وفي هذا التوقيت الذي يشهد فيه الميزان التجاري كارثة لم يسبق نضيرها تتسبّب في كل الأمراض التي يعاني منها إقتصادنا، يخرج علينا رجل الأعمال السيد بسام الوكيل معلنا أنّه سيبعث مركز تجاري جديد في جهة روّاد بقيمة 300 مليون دينار بالتمام والكمال وأنّ طاقة التشغيل ستكون في حدود 600 موطن شغل فقط.
والأغرب أنه أردف ذلك الخبر بأنّ شركة مقاولات صينية (CSCEC) هي من يقوم بإنجاز وبناء هذا المرّكب الضخم وكَأَنَّ الشركات التونسية ليست أهل لذلك.
فبالإضافة إلى أنّ مثل هاته المشاريع ليس لها أي قيمة مضافة رغم تكلفتها الباهضة، وأنّ طاقتها التشغيلية ضعيفة جدًّا، فإنها تمثل خطر من ناحية على مزيد إستنزاف العملة الصعبة ومزيد إنخرام العجز التجاري ومن ناحية أخرى تهديد لصغار ومتوسّطي التجار ونذير شؤم لمواطن شغل في مواضع أخرى.
هناك ما يكفي وزيادة من الفضاءات التجارية الكبرى والأفضل توجيه الإستثمارات إلى قطاعات أخرى فيها قيمة مضافة حقيقية في مجالات الصناعة والفلاحة والتكنولوجيات الحديثة قادرة ان تساهم بصورة فعلية في خلق مواطن شغل هامة ودفع حقيقي لنسبة النموّ الإقتصادي وفتح فرص توريد المنتجات التونسية لأسواق أخرى في محيطنا الإقليمي المغاربي والعربي والإفريقي ومن ثمّ إلى بقية الأسواق العالمية.
نتفهّم أن دولة مثل الصين تريد وضع قدم في تونس بوابة لإفريقيا وتحريك عجلتها الإقتصادية وتوفير مشاريع وعقود لشركاتها خارج حدودها، ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب مصالحنا وميزاننا التجاري، وكنّا نودّ أن تتم الشراكة معها في مشاريع صناعية أو تكنولوجية يتم فيها نقل التكنولوجيا والإستفادة من خبراتهم.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.