ربما لا توجد علاقة بين شعبين بمثل هذا التماهي والود كما هو الحال في الوصال القائم بين أهل تونس والجزائر.
بعيدا عن نفاق الخطاب السياسي أشربنا حب الجزائر في تونس من خلال مسار طويل من المحن والهزائم والإنتصارات والحزن والفرح.
لم يفرح التونسيون بإستقلالهم كما فرحوا بإستقلال الجزائر.
كان والدي رحمه الله يحتفظ بعلم تونس وعلم الجزائر وفي كل عيد وطني يثبت العلمين على واجهة محل تجارته.
(علمت فيما بعد إنخراطه في شبكة إيصال السلاح لجبهة التحرير)
صحيح أن الشعب التونسي ٱوى مئات الآلاف من عائلات المجاهدين رغم حالة الفقر والخصاصة السائدة كتعبير منه على إنخراطه المتناهي في ثورة الجزائر لكن هذا لا يفسر وحده عشق الجزائريين لتونس واعتراف لهم بالريادة والفضل.
لم يحدثني أحد عن ذلك عاينت ذلك بنفسي عند إقامتي في الجزائر ثم بعد ذلك معاشرة لإخواني الجزائريين في أرض المهجر.
حدثتكم سابقا عن ذلك الشيخ الجزائري الذي كلما استشعر خطرا دعا الله أن يحمله إلى تونس ليقينه أنها محفوظة ولن تصيبها ٱذية.
هكذا علاقة أهل الجزائر بتونس بين حب وتقدير وقدسية دينية.
سألت وبحثت عن سر هذه العلاقة وجدت منبتها ومشكاتها مجد تونس وفخرها وعزها جامع الزيتونة.
يتبرك أهل الجزائر بجامع الزيتونة والقلة منهم التي التحقت بالجامع الأعظم هم الذين صنعوا تاريخ بلادهم. الشيخ ابن باديس والإبراهيمي والتبسي هم من أطلق ثورة الجزائر وهواري بومدين هو من صنع تاريخ الجزائر الحديث.
عثرت مرة على حي في العاصمة الجزائرية يسمى بحي الزيتوني فلما سألت عن سبب التسمية فأجابني مرافقي تبركا بزيتوني يسكن الحي.
لهذا وغيره ورغم أن حادثة الإعتداء على الحافلة الجزائرية هي من فعل اللصوص والمنحرفين إلا أنها مؤلمة جدا.