حدث في مصر انقلاب عسكري يوم 3 جويلية 2013… انقلاب عسكري كامل الأركان رغم الإخراج السينمائي بأنه “ثورة”… في ذلك اليوم جمع وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي رموز المجتمع المصري السياسية والدينية {الإسلامية والمسيحية} في مشهد مسرحي عبثي وألقي بيان الانقلاب، لقد قرر الجنرال باعتباره وزيرا للدفاع ما يلي:
1. عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي.
2. تعيين رئيس المحكمة الإدارية عدلي منصور رئيسا للجمهورية.
بالإضافة إلى حل البرلمان وتعطيل العمل بالدستور و إجراءات أخرى تمثلتْ لاحقا في حل أحزاب وجمعيات وغلق فضائيات الخ الخ… ولكنني أبرزتُ النقطتين 1 و 2 لأنهما من غرائب العصر الحديث حيث تجسد “العقلية الانقلابية”: وزير الدفاع يعزل رئيسا منتخبا انتخابا حرا مباشرا وهو محمد مرسي ويُنصّب رئيسا اختاره هو بنفسه وهو عدلي منصور رئيس المحكمة الادارية {في انتظار استحواذ الجنرال الانقلابي على كرسي الرئاسة}… هذا حدث في مصر ونحن في تونس لا يعنينا بدرجة أولى بل يهم المصريين أولا وأساسا، ويمكن للتونسيين التوسط فيه لرأب الصدع بين الفرقاء المصريين. لكن اليسار الاستئصالي زجّ بنا في المعمة وأقحمنا فيها وأجبرنا على الّتفاعل مع الأحداث… يوم 4 جويلية 2013 عقد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل اجتماعا واصدر بيانا للترحيب بالانقلاب العسكري في مصر ووصف النّظام السابق المنتخب بعبارات تنم عن حقد إيديولوجي لا أخلاق فيه بل جسّم فقدانا تاما لمعاني الديمقراطية والمدنية والسلمية… انه اليسار الاستئصالي داخل الاتحاد العام يورّط المنظمة الشّغيلة في فضيحة تاريخية لا تمحوها الايام والاعوام… عقلية انقلابية لا تؤمن بالحريات العامة ولا بالانتخابات ولا بالتداول السلمي على السلطة ولا بالمؤسسات… سقوط اخلاقي مروع لانه يستدعي الحالة المصرية {الفوضوية} الى الساحة التونسية في “تخيل بدائي ساذج” للثورة البلشفية الماركسية اللينينية في الاتحاد السوفياني 2017.
ولكن في تونس ولحسن الحظ لم يتمكن اليسار الاستئصالي في المنظمة النقابية من تمرير مثل هذه الأفكار الضالة والغريبة عن القكر الديمقراطي الحداثي التقدمي واستطاعت المنظمة الشغيلة -بواسطة التيار الوطني التونسي داخلها- ان تخرج من دائرة التوظيف الحزبي للوطد والبوكت وان تلعب الدور الوطني في حل “إشكاليات الانتقال الديمقراطي” من خلال الحوار الوطني {الذي لم يشارك فيه اليسار النقابي ألاستئصالي} والذي حاول اليسار ألاستئصالي الحزبي تعطيله، حوار وطني ادى الى انتخابات رئاسية وتشريعية في 2014.
حمى الله تونس من الانقلابيين العبثيين.