قال علي جمعة مفتي الديار المصرية في درس بأحد المساجد المصرية بأنّ قطري بن الفجاءة أحد زعماء الأزارقة (الخوارج) كان قد فرّ من العراق إلى قطر واستوطنها فتسمّت باسمه. فهو حسب مفتي الموت وكاهن العسكر أصل القطريين، بما يعني حسب استخلاصاته، أن القطرين خوارج. ولو أنّ قطر أغلقت قناة الجزيرة (المزعجة لنظم القمع والإستبداد) ووضعت يدها في يد السيسي وباركت انقلابه، وأوقفت دعمها للمقاومة الفلسطينية لأصبحت حتما وبموجب صكّ من مفتي العسكر دولة سنية ومعتدلة لا تنتسب إلى قطري بن الفجاءة.
واصل مفتي الإعدامات كذبه وهو في بيت الله ليقول بأنّ المهلب بن أبي صفرة والي الأمويين على بلاد خراسان الذي قاتل قطري بن الفجاءة أصله من الإمارات، بما يعني ودائما حسب استخلاصات مفتي الموت أن مشايخ النفط في الإمارات على حقّ في محاصرة شقيقتهم قطر لأنّ اهلها “خوارج”.
هكذا ينتقل الكاهن الأعظم من تزوير التاريخ إلى تشويه الواقع، فالخلاف مع قطر ليس بسبب قناة الجزيرة الدّاعمة لمنظومة الحقوق الكونية وللربيع العربي، وإنّما بسبب عقيدة أهلها التي تصلهم بأجدادهم الخوارج.
تناسى مفتي العسكر أنّ فرعون الذي استعبد النّاس وقتل أبناءهم واستحيى نساءهم وادّعى الربوبيّة، وأطلق سحرته يزيّفون وعي النّاس، حتى أهلكه الله غرقا، ونجّاه ببدنه ليكون عبرة لكلّ حاكم يخون أمانة الحكم ويضيع مصالح العباد ويشيع بينهم الخوف والرّعب. ذلك الفرعون كان حاكم مصر. فهل انتقلت خصائصه الجينية إلى حكام مصر حتّى وصلت السيسي المنقلب، قاتل شعبه وبائع الوطن بحفنات من الرّزّ؟ ويبدو أنّ الخصائص الجينية لعبدة فرعون الذين نشؤوا على العبودية قد انتقلت إلى علي جمعة وأمثاله.
وبنفس منطقه المعوجّ ومنهجه العقيم لا شكّ أنّ حكّام السعودية الحاليين الذين يحاصرون أشقّاءهم برا وبحرا وجوّا يحملون نفس الخصائص الجينية لأبي لهب وأبي جهل اللذين تزعما حملة مقاطعة الرسول الأكرم وأصحابه في شعب أبي طالب حتى كادوا يهلكون من الجوع. ودائما بحسب منهج مفتي العسكر، يبدو أنّه قد ورث من كهنة الأوثان: دجلهم وجهلهم وتزلفهم للحكّام وقلّة مروءتهم. ولم يتعلّم من القرآن الكريم أنّ الإصلاح بين المتخاصمين واجب إسلامي وإنساني “وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا”.