محمد يوسف
الازمة الاخيرة في الخليج كشفت لغير المطلعين انسداد افق السلفية الوهابية والسعودية المتصدرة لاهل السنة والجماعة وعرّت زيف اغلب العلماء الشرعيين، اذا كانت السعودية انبنت على خلفية اصولية بتحالف آل سعود مع علماء الدين برعاية انجليزية فان قطر الصغيرة المجهرية تأسست على فكرة اصولها انجلوسكسونية امريكية ليبرالية وعمودها استيعاب شعب الاخوان المسلمين المهجّر وجرّهم الى طابور احتياطي يستعمل على انقاذ الانظمة العربية التي زالت صلوحيتها، ولكن حسابات المنطلقات تتعايش مع اكراهات هذه المسيرة، فلا الامريكان مستعدين لادماج الاخوان في منظومة مابعد الرابع عشر ولا انظمة الخليج قابلة للمخاطرة باحتمال زوالها بتسريب الديمقراطية وتسييد الاخوان.
اذن اللعبة اصبحت مكشوفة والامريكان الآن يحتاجون السيولة نتيجة انهيار منظومتها المالية ويحتاجون الى اعادة تقسيم الانظمة الاقليمية باستعمال الاسلام الجهادي ومنبعه السعودية، ولم يعد ممكن استمرار التقسيم التقليدي المبني على ثنائية السنة والشيعة، ورغم ان الكل سيتنازل لصالح اسرائيل لتجنب المحرقة الامريكية الجديدة فان الاسلام الجهادي سيعيد تشكيل هويته بعيدا عن مشايخ السعودية وبعيدا عن الاختراقات الامريكية كما ان الاخوان مضطرين الى تجاوز شيطنة وتكفير المشروع الشيعي الفارسي ومدركين ان امريكا لن ترضى بهم ولو هرولوا اليها.
هي ببساطة بداية نهايات مرجعيات الاسلام السياسي ليبراليا كان ام جهاديا، ولا مناص من العبور قبل الاكتواء بقنطرة الحروب الانتقالية ولكن الى ماذا، اكيد الى مفاهيم جديدة سيبقى فيها الاسلام مجردا بدون مضاف اليه والامبريالية الاستعمارية الكافرة والجشعة بدون اكذوبة الديمقراطية، ومثل هذه التحولات تتطلب عشرين سنة لبروز ملامحها، وخرائط جديدة سترسم، ولا تغيير بدون فواتير ثقيلة جدا.