السّبب جلّول رمضان لا شهر رمضان
إقالة رئيسة مركز إصلاح البكالوريا المنزه السادس: طبيعتها، توقيتها، دواعيها وخلفياتها:
ملاحظات شكليّة قبل الولوج إلى جوهر الموضوع :
• لا تعنيني الإقالة إقالةً بقدر ما يعنيني فهم ظروفها وملابستها.
• لست متخندقا مع طرف ضدّ طرف ولا مجاملا لأحدهما على حساب الآخر.
• لا أعير أذنا لحملات التّشويه ولا التّصنيف ولا التّخوين التي قد يلجأ إيها ببعضهم، وقد أعيته الحيلة والحجّة.
مدخـــــل :
لقد سنّ الوزير المقال ناجي جلّول أسوأ سنّة يمكن أن يسُنّها وزير تربية في تاريخ الوزارة، للأسف، بأن حشد دواوين الوزارة ومستشاريه والإدارات المركزية والجهوية والمحليّة بالمتحزّبين والمؤدلجين على حساب الكفاءة، ولا نستثني منهم النّقابيين، لذلك لم تشهد وزارة التربية اضطرابا وارتجالا وتضارب مصالح وارتباكا كما شهدته في عهد المذكور أعلاه، فقد فاق امتهان وزارة التربية ما شهدته في عهد حاتم بن عثمان ومحمد عياض الودرني من منتصف التسعينات إلى بداية الألفيّة الجديدة، وكنت شاهدا على العصر. لذا أرى أنّ ما يقع اليوم من ارتجال في القرارات وعشوائيّة ومكائد تدبّر من داخل أروقة الوزارة نفسها ما هو إلا تصفية حسابات وصراع أجنحة لا ناقة لنا فيه ولا بعير، بل ضرره يطال التلميذ والمربيَ والوليَ والإدارة والنقابات نفسها على حدّ السّواء.
في دواعي الإقالة
أ. الأسباب المعلنة:
لا فائدة من الإفاضة فيها، فهي مذكورة في المواقع النقابية ولقد أوجزت في سوء استغلال الوظيف والتعدّي على حريات الزملاء المفطرين وعدم التجاوب مع الطرف النقابي في أمور إجرائيّة تخصّهم، إضافة إلى اتّهام المتفقّدة “بتكفير” مسؤول نقابي، هذه وجهة نظر نقابيّة بحته.
ب. الأسباب غير المعلنة:
لا يخفى على أحد الخلافات الحادّة بين نقابتي التعليم الثانوي ونقابة المتفقّدين من إدارة ناجي جلول للوزارة وللإصلاح التربوي “المزعوم” وقد وصل ذروته مع تعيين متفقد الإعلاميّة رمضان جلّول شقيق الوزير ناجي جلّول على رأس المدرسة الرّقمية وما خلّفه من ضجّة وارتباك زادها بيان نقابة المتفقّدين المساند بِلَّةً. وكنت أبديت موقفي الرّافض لمحتوى ذلك البيان ووضّحت الأسباب، واستهجنت استماتة نقابة المتفقّدين في الدّفاع عن ذلك التعيين واستنادها إلى نصوص ومناشير على حساب المبادئ والشّفافيّة، ورأيت وقتها ما رأيت من موقف تعيين حكومة الترويكا للدكتور رفيق عبد السلام وزيرا للخارجيّة، دون تشكيك في كفاءة الرّجلين، فهل كان لابدّ ؟ وتساءلت : أ و ليس الوقوف مع مبدأي التّساوي في الفرص والشّفافيّة أولى من مساندة “حق الوزير في تعيين من يشاء” بمنطلق “وضع اليد والغلبة والغنائميّة “؟؟؟
إنّ ذلك الخلاف هو الحاضر في قضيّة الحال، ولكن ما تؤاخذ عليه وزارة التربية ووزيرها بالنّيابة هو التسرّع في الإقالة والإرباك الذي أدخله على سير عمليّة الإصلاح والضّرر النّفسي الذي ألحقتاه بمنظورهما رئيسة مركز الإصلاح، في حركة تؤكّد وقوع الوزارة تحت سيطرة شقّ نقابيّ على حساب سير دواليب الدولة وهياكلها إرضاء للأهواء و”هروبا من البلاء”، وفي ذلك أيضا إرباك لسير المؤسّسات التّربويّة التي يبدو أنّ أغلبها مُربك أصلا وأداءها معطّل بيروقراطيّ. فكيف تقع الإقالة، ونحن في معمعان البكالوريا إنجازا وإصلاحا ؟ وأين عمليّة تقييم الأداء قبل نيل الثّواب أو الجزاء ؟؟؟ فهل من مجيب ؟
ج. في شخصيّة رئيسة مركز الإصلاح المتقفّدة سلوى العبّاسي:
لا ينكر إلاّ جاحد أو “جاهل” (بالشيء) كفاءة المتفقّدة سلوى العبّاسي، وليس مجاملة، فاختلافي معها سياسيّا وفكريّا وحتّى إيديولوجيّا، لا يمنعني من شهادة أشهدها لله أوّلا ولضميري ثانيا، لا أرجو من ورائها جزاء ولا شكورا؛ فقد أشرفت على إدارة تفقّد مادّة العربيّة بالمدارس الإعداديّة والمعاهد الثانوية بباجة وجندوبة قبيل الثورة (2008 / 2009)، وبشهادة الزّملاء فقد مثّلت استثناء في الإفادة والتّكوين، وأخرجت الحلقات التّكوينيّة والدروس الشاهدة من رتابتها ومن بعدها التّنظيري الصّرف إلى مقاربة الصّعوبات العمليّة والواقعيّة لدرس العربيّة والبحث عن حلول إجرائيّة يستفيد منها المعلّم والمتعلّم، وكنّا من المعنيين، ولسنا من الجاحدين، وتجربتنا المتواضعة تسمح لنا بالقول بجدارة المتفقّدة المعرفيّة والبيداغوجيّة، ولن أغفل اجتهادها ومثابرتها وإشادتها باجتهاد الأساتذة وانضباطهم، وقد أعادت لزيارة التّفقّد مقاصدها التّكوينيّة والحواريّة وخلّصتعها من بعدها الزّجريّ الرّقابيّ، وهذا قبل الثورة، لا بعدها لمن يرد أن يحكم، فكيف نتّهمها اليوم “بالتجلطيم” ؟؟؟
قد تكون أخطأت في إدارة المركز، ولكنّها منذ جاهرت بقناعاتها السياسيّة ورأيها في كيفيّة سير مؤسسات التربية ودور المربّي والذي رأى فيه البعض انحيازا للوزارة والولي على حساب الزّملاء هو ما عمّق هوّة الخلاف بين النّقابتين ، ولكنّ الملاحظ أن الحملة قد طالت شخصها أكثر من موقعها أو أدائها، فقد رفض البعض قوّة الشّخصيّة لا الأداء.
ختاما، أعتقد أنّ التّصعيد والمشاحنات والبحث عن الأضواء لن يخدم التلميذ محور العمليّة التّربويّة ولن يزيد واقع التعليم العمومي إلا تراجعا في رصيد مصداقيته، فهل من حكماء، فيحكمون؟؟؟