تدوينات تونسية

بين شركة كاكتوس وقناتنا الوطنية وولد الفهري عشرة قديمة

فوزي الطلحاوي

إن لم تتّق الله فينا يا ابن الفهري، وتكفّ أياديك عن أبنائنا فتالله إنّه ليمهل ولا يهمل، بدأنا رحلة العمل معنا في مرحلة واحدة، عملتم بـ + Canal وعملت أنا مصحّحا في إحدى المجلات كنا جيلا نحلم بالأفضل تعليما وتربية وإعلاما وكانت فورة الشّباب تدفعنا إلى الصبر والمثابرة، وكنت ألتقي يثلّة من شباب الإعلام وقتها وكان من ضمنهم معز بن غربية ورازي القنزوعي ومراد الزغيدي وعلاء الشابّي، وكان لي حوار مطوّل مع حبيب الغريبي صاجب جواز سفر والذي أمدّني بمعلومات هامّة عمّا يجري داخل صندوق التلفزة الوطنية…

والقائمة طويلة كنا نلتقي في اللقاءات الصحفيّة والمقابلات الرياضيّة، طبعا لم تكن تجمعنا معرفة سابقة فأنا من البدو وسامي الفهري من الحضر، كانت أبواب الإذاعة والتّلفزة التوتسيّة تكاد تغلق في وجوهنا نظرا لتركيبتنا النّفسيّة والأخلاقيّة الخاصّة، ونظرا لشبكة العلاقات داخلها، كانت ولعلّها ما تزال صندوقا محكم الإغلاق وكان الدّخول إلى بنايتها بشارع الحريّة في التّسعينات يضاهي الدخول إلى وزارة الداخلية أو قصر قرطاج… بدأنا معا مع ثلّة من الأساتذة المصحّحين والصّحفيين حديثي عهد بالتخرّج والذين بنى بهم بوبكر الصغيّر مجلة الملاحظ l’Observateur والتي لم نلاحظ منها غير الانبطاح ودعم الاستبداد وكان رضا الملّولي مزهوّا بإدارة مجلة حقائق Réalités التي لم تعد أن تكون مجلة أكاذيب وكان نبيل البرادعي قد أهدي تأسيس مجلّة وسمها “بـ العهد” تزلّفا للمخلوع وعهده والتي لم يكن لها من عهد غير نكث العهد ونشر ثقافة الخنوع للمخلوع والتهام الإشهار من وكالة الاتصال الخارجي l’ ATCE التهاما… وكان صالح الحاجة يدير جريدة الرّأي والتي سرعان ما حوّلها إلى أسبوعيّة الصّريح مستفيدا من موجة البطالة التي ضربت خرّيجي الجامعة التونسيّة منتصف التّسعينات، وكنت ضمنهم، قادتني الصدفة وبمساعدة صديق لي أن ألتحق بالمجلّة المذكورة آنفا.

لماذا الحديث عن ولد الفهري ومعز بن غربيّة لأنّ تلك المرحلة عرفت صعود رازي القنزوعي مستفيدا من شهادته العلمية وباعتباره أستاذا جامعيا كما استفاد من وضع أبيه المهنيّ مديرا عاما للأمن الوطني فكان التّكالب على الوصوليّة والتسلّق على أشدّه، وكان الفساد والمحسوبية والرّشاوى قد عشّشت في مفاصل مؤسّسات الدولة.

في تلك المرحلة بعث ابن علي؛ في إطار شعاره الكاذب خدمة الشباب قناة 21 والتي ستعرّفنا ببعض الشبّان في مجالات صحافة الأخبار والرياضة والشباب والثقافة وغيرها… وفي هذه المرحلة ظهر ثلّة من الشبّان لا تعوزهم الكفاءة رغم ضغط التوظيف السياسي ، وكان حسني الزغدودي وعلاء الشابي وغيرهما كثير من تلك النّخبة وكان سامي الفهري منهم.. كان صعود ولد الفهري مدويّا نظرا لارتباطه بالطرابلسيّة ومساعدتهم له على إنشاء شركة كاكتوس للإنتاج والتي كانت بمثابّة آلة الحلب لتونس 7 وقتها، فقد استغلت تجهيزاتها وأعوانها وموظّفيها مجانا في إعداد برامج “ستاد 7” و “الحق معاك” ونقل المقابلات الرياضيّة…

لقد توسّمنا خيرا في الثورة وفي الهيئة التعديليّة لقطاع السّمعي البصري الهايكا ولكن لا حياة لمن تنادي.

أيّها الفهريّ، إنّك تهدم كلّ ما نحن بصدد بنائه في عقود في دقائق معدودات، ولا أحد زجرك ولا ارعويت، فممّن تنتقم ؟ إنّك لن تنتقم إلاّ من نفسك وماضيك وحاضرك ومستقبلك وتاريخك، ثق أنّ أموال قارون لن تغسل عارك، فماذا قدّمت قناتك وشركتك كاكتوس ؟ لقد قدّمت :

أ. التّطبيع مع المجون وفاحش الكلام والإيحاء غير الأخلاقي.

ب. الإغراء بالمخدّرات وحثّ الشباب عليها من خلال ذلك السكاتش التافه للمدعو المازني.

ج. تشويه الأسرة التونسيّة من خلال مسلسل يقال له “أولاد مفيدة”.

د. نشر ثقافة القمار والربح السهل وثقافة التواكل في تحدّ صارخ لكلّ القيم والعادات والتقاليد التونسيّة وإحياء لسنّة سيّئة خلنا أنّها ولّت دون رجعة ثقافة “خيام القمار في الشهر الفضيل”.

ختاما أرجو أن تثوب إلى رشدك وأن تدغدغ فيك نخوة التونسي العربي الأصيل الذي لا يستنكف أن يعود إذا أخطأ.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock