عز الدين عبد المولى
من زاوية إدارة الأزمات، يمكن ملاحظة أن قطر نجحت في إفشال الحملة التي استهدفتها على خمس جبهات:
• إعلاميا: فشلت حملة الفبركة والتهييج التي قادتها قناتا العربية وسكاي نيوز في تأليب الرأي العام.. حتى الجمهور الخليجي لم تنطل عليه الرواية.
• اقتصاديا: فشل الحصار البري والبحري والجوي في تجويع الشعب القطري وتبين أن الحكومة بدأت في اتخاذ احتياطاتها على هذا الصعيد منذ أزمة 2014.. الأهم من ذلك أن البدائل كانت جاهزة.
• سياسيا: تهافت موقف الدول المقاطعة وغياب أفق التحرك سواء باتجاه مزيد من التصعيد أو التراجع مع حفظ ماء الوجه، في حين بدا الموقف القطري متماسكا سرعان ما تواترت لمساندته دول كبرى ذات وزن وتأثير.. ذلك مصير من يبني سياساته على تغريدات ترمب.
• دبلوماسيا: فشلت الدولتان في عزل الدوحة وتجلت حدود نفوذهما في هوامش الدول العربية والإسلامية.. هوامش ضررها ونفعها سيان.
• أمنيا: فشلت محاولة الانقلاب وتفكيك الجبهة الداخلية، واصطدمت فكرة الغزو من الخارج بتحرك تركي سريع ومفاجئ.. غفلت الدولتان عن حقيقة أن بين الدوحة وأنقرة تحالفا استراتيجيا يقتضي الدفاع المشترك.
فقط لتقريب الصورة، معركة الإمارات والسعودية ضد قطر باسم مكافحة الإرهاب هي بالضبط مثل معركة الشاهد مع جراية باسم مكافحة الفساد.. العنوان في بلاصة والدق في بلاصة أخرى.
سيأتي يوم يصبح لدينا فيه تخصص جديد اسمه الاستراتيجيا المعكوسة.. وستكون فيه مادة بعنوان: كيف تفاجئ عدوك بتحقيق أهدافه الاستراتيجية: الأزمة الخليجية نموذجا.
أرى أن هذه الموجة قد كُسرت مرحليا ولا ندري ما هي الأساليب الأخرى التي ستستمر بها الحرب على قطر.. كُسرت هذه الموجة رغم عتوّها بأسرع مما كُسرت موجة 2014.. لكأني بالأيدي التي تحركها أيدي هاوية لا تفقه كثيرا من تعقيدات هذه المنطقة فأخطأت الحساب وأخطأت التقدير.
حجم الاضطراب والارتباك والتناقض والتردد في تصريحات المسؤولين السعوديين والإماراتيين.. ومستوى التشنج والتوتر وفبركة الأخبار في التغطية الإعلامية لوسائل إعلام البلدين يشعرانك بأن الثالوث الذي يضرب الحصار هو المحاصر وليس قطر.