ثورات المواطنة تحرر العروبة من أدعيائها
الأمين البوعزيزي
نشر ثاني منقح
لم تنشأ العروبة كمشروع سياسي تحرري في مواجهة “الخلافة العثمانية” كما يزعم خصومها وأنصارها؛ بل نشأت ردة فعل لمواجهة حركة إلاتحاد والترقي التركية (التتريك) التي عملت على تسخير إمكانيات الدولة المشتركة بين المسلمين إلى دولة تركية. بدأ العروبيون يطالبون بالإصلاحات داخل الإمبراطورية العثمانية (الخلافة) ثم المطالبة باللامركزية ولاحقا المطالبة بالاستقلال…
حطمت الحرب العالمية الأولى وحدة الإمبراطورية العثمانية كآخر إمبراطورية بعد تصفية كل الامبراطوريات الأوروبية لصالح نموذج جديد للدول على قاعدة الأمة (الدولة الأمة État Nation وفق علاقات دولية جديدة تقوم على حق تقرير المصير الذي فرضه العهد الويستفالي).
خرج الأتراك عقب الحرب أمة موحدة بزعامة أتاتورك، وخرج العرب محطمين بمقتضى معاهدتي سايكس-بيكو وبلفور.
تغير مطلب العروبيين من الاستقلال إلى الوحدة والحرية… عقب الحرب العالمية الثانية أصبح الشعار ثلاثيا الحرية والوحدة والاشتراكية. وتمكن العروبيون من الوصول إلى السلطة في بعض الأقطار العربية عن طريق المؤسسة العسكرية موجة ثانية في التحرر الوطني العربي… لكنهم فشلوا في إنجاز ما انتدبوا أنفسهم له؛ الوحدة العربية… إلى أن اندلعت ثورات مواطنية ذات 17 ديسمبر 2010 بمضامين إجتماعية سيادية واصطدمت ببعض النظم التي لم تعد العروبة لديها تعني غير أيديولوجيا سلطوية للحفاظ على الحكم ولو توريثا…
عبارة “قومية” كان ترجمة غبية لعبارة Nationalism، المشتقة من Nation أي أمة، ولا أدري أي غبيّ عربيّ ترجمها الى قومية، والحال أن قومية مشتقة من عبارة قوم وهو انتماء ما قبل أمة وما قبل مجتمع… قوم تحيل على الزمن القبلي ما قبل الدولة وما قبل الأمة…
الانتساب الى الأمة (Nation) يفترض اشتقاقا عربيا من كلمة أمّة: لكن الاشتقاقات كلها محجوزة :
#أمّيٌ تحيل على غير الكتابيين، وتنسب أيضا لغير العارفين بالكتابة…
#أمُومي في المدونة الأنثربولوجية تُحيل الى الانتساب الى الأم…
#أُمَمي تحيل الى رابطة شيوعية ما فوق الأمة (The Communist International).
ممّا يجعل الترجمة الأقرب الى المعنى المقصود هو الوطنية (Patriotisme) اشتقاقا من الوطن، فنقول وطنيون عرب تعبيرا عن حداثية المشروع، عوضا عن “قوميون عرب” المشتقة من قاموس قبَلي (قوْم) فهؤلاء القوميين “حداثيون” في القشرة، قبَليون في الممارسة، حتى أنهم لا يخجلون من توريث الحكم !!!
العروبة لا علاقة لها بما يسمى عرب الجزيرة العربية قبل الإسلام… أولئك أعراب… العروبة مشروع حضاري بناه كل ساكنة المنطقة الواقعة بين الخليج العربي والمحيط الأطلسي من أعراب وأمازيغ ومصريين وافارقة وشوام وعراقيين إستنادا على ثورة الإسلام الحضارية… ولو كان النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام امازيغيا أو كرديا أو قبطيا ونزل القرآن بلغات هؤلاء الأقوام إنا أنزلناه قرآنا امازيغيا أو كرديا أو قبطيا لكنا اليوم نتحدث عن أمة امازيغية أو كردية أو قبطية من المحيط إلى الخليج… العروبة إذن مشتقة من لغة القرآن وليست امتدادا للأعراب…
الوحدة العربية ليست نوستالجيّا لإعادة بعث أمة عربية فتلك أوهام تعتقد أن التاريخ الإمبراطوري الإسلامي تاريخا عربيا… الوحدة العربية مشروع مستقبلي قاعدته المواطنة التي تساوي بين كل ساكنة المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج. إذ مازالت الأمة أرضية للسيادة والحداثة والتقدم.
ــــــــــــــــــــ نحن #وطنيون_عرب: نهجنا الوحدوي #مواطني_مقاوم غايتنا مشتركية. نشتبك مع قوى الهيمنة الكولونيالية (إحتلال) وحليفتها قوى الهيمنة المحلية (إستبداد)، ونفضح ونتمايز عن القوميين الأعراب القبليين، لأنهم شوفينيون يقمعون التنوع الثقافي، وفاشيون معادون للديمقراطية المواطنية والحرية. فهم الوجه المحلّي المشتق من مشروع الغزاة الكولونياليين.
ثورات المواطنة الاجتماعية السيادية هي الموجة الثالثة من حركة التحرر الوطني العربية التي اجهضتها السلطوية الفاشية الشوفينية.
#ثورات_المواطنة_تحرر_العروبة_من_أدعيائها