أسئلــــة خالــــدة
بمقدور أي إنسان عاقل أن يقارن نظرة العرب إلى أنفسهم، ونظرة العالم إليهم عام 2011 حين أخرج التطلع إلى العدالة والكرامة والحرية أفضل ما فيهم، مع نظرتهم إلى أنفسهم ومزاجهم العام ونظرة العالم إليهم في المرحلة الراهنة التي أخرجت أسوأ ما فيهم، حين وقعوا بين عنف الطغيان والعسكر وتحالفات الأنظمة القديمة في وجه الشعوب وعنف القوى الرجعية المتطرفة من داخل المجتمع.
تجري في هذه المرحلة محاولة منهجية لتصفية أي أمل بالتغيير مستقبلا بقمع الناس جسديا بالقتل والتعذيب والنفي، ومعنويا باستخدام قوات المرتزقة الإعلامية والجيوش الالكترونية المجوقلة التي تشوه كل قيمة معنوية سامية وكل فكر ورمز وشخص يحظى بمصداقية، وتعمل ليلا ونهارا على لوم الضحية وإقناعها أنها المسؤولة عن وضعها، وبالتمثيل بأحلام الناس التي يريدون إحالتها كوابيسا. لكن أي إنسان عاقل يمكنه أن يقارن بين غرور وصلف هؤلاء اليوم (بما فيه المجاهرة بالتحالف مع إسرائيل ومغازلتها) وانكماشهم وانزوائهم عام 2011 بأجوائه الملونة، وأدوات التغيير المدنية السلمية، وبريق الأمل في عيون شبابه وتطلعات أهاليهم لمستقبل أفضل. إنها بالضبط الأجواء التي لا يريدون أن تتكرر، وذلك باقتلاع إي حلم بالعدالة والحرية والكرامة الشخصية والوطنية، وبإقناع الناس أن الأمل ضرب من الجنون.
تواجه قوى الطغيان والتخلف والتطرف التي تبدو الأن وكأنها تغرق المنطقة في طوفانها أسئلة محرجة وحرجة لا مفر من مواجهتها: أي حل لديهم للقضايا التي أخرجت الناس إلى الشارع عام 2011 (الفقر، غياب الحريات العامة، الإذلال الجسدي، الفساد والاستبداد)؟ ليس لديهم حلول، بل لديهم وصفات جاهزة لمفاقمتها. إذا هل يمكنهم إقناع الناس طويلا ان الخيار هو بين الطغيان والفوضى؟ هل يمكن منع الناس من التطلع إلى الأفضل والإصغاء للأفضل حين يكون هذا كل ما في جعبتهم؟ بالطبع لا.