السّديسي وصف القطريين والإخوان بالفئة الضّالة
فوزي الطلحاوي
في فهم ظاهرة الحكم الكلياني العائلي ذي المرجعيّة “السّلفية ” المملكة السّعوديّة أنموذجا
منذ إعلان سلمان وتوابعه قطع العلاقات مع الدوحة تسارعت الأحداث وتنوعت التحاليل والقراءات، ولكن ما سأركّز عليه في هذه التّدوينة ما يروّج عن موقف إمام الحرم الشيخ عبد الرحمان السّديسي من القطريين والإخوان باعتبار وصفهم بالفئة الضّالة في استدعاء صريح لمقولات الإقصاء والرّفض التي سادت منذ الفتنة الكبرى إلى يومنا هذا.
فمعلوم أنّ مرجعيّة الحكم الوراثيّة في المملكة العربيّة السّعوديّة تقوم بالأساس على قراءتهم لمفهوم الحكم السنّي الذي يعود إلى “مدرسة معاوية بن أبي سفيان” الأمويّة كما تقوم على قراءة شرعيّة تدّعي أنّها تتصل بالإمام أحمد بن حنبل فابن تيميّة وتنبني على قراءة محمد بن عبد الوهّاب لها. فنظام الحكم عندهم يقوم أساسا على مفاهيم الغلبة وبسط النفوذ وإقامة الشعائر ووحدة صفّ الأمّة ونبذ الفرقة والولاء المطلق للسّلطان وتحريم الخروج عليه. بناء على التصوّر السّلفي لنظام الحكم والدين والحياة الأوحد النصيّ الظّاهريّ لا يستنكف “الحنابلة الجدد” وسم مخالفيهم بالضّلالة، دون تهيّب، كيف لا وتاريخ المنطقة غنيّ بشواهد الرّفض والإقصاء ؟؟؟ ألم يشرّد الخوارج وينكّل بهم ويرحّلون إلى جنوب ظفار واليمن ؟ ألم تحارب الحركة الوهابيّة كلّ رأي مخالف لها ؟ ألم تسطّر قراءة واحدة أحاديّة للعقيدة والتّشريع، أقرّت بموجبه ضرورة الولاء المطلق للحكام والسّلاطين ؟ ألم تحصر دور العالم الإمام في مهمّة واحدة أحاديّة هي تثبيت أركان الحكم، وفي أحسن الأحوال النصح للحاكم في المجالس الخاصّة، إضافة إلى واجب الدّعاء له على المنابر والتّحضيض على طاعته ؟؟؟
ماذا كنّا ننتظر من إمام الحرم ومجلس شورى الحكم ؟؟؟ لعلّنا كنّا ننتظر خروجا على سلمان ؟ ولعلّ بعضنا يستغرب التّصريح الذي نسب إلى عبد الرحمان إمام الحرم والذي يندرج ضمن أوكد واجباته في منظومة فكرهم الديني ؟؟؟ لا يجب أن نغفل في خضمّ تسارع الأحداث وتشابكها مهامّ الإمام في منظومة حكم المملكة، فهو ليس مجرّد آمّ للصّلاة بل هو قائم مقام سلمان في إمامة المؤمنين في الصّلاة بالحرم الشّريف والتي هي من أولى مهام “خادم” الحرمين الشّريفين نفسه. ومن المهامّ أيضا، أن يشدّ من عضده ويدعم اصطفاف العامّة وراء سياساته… وهل أكثر من تخويف العامّة من الخروج على السلطان دورا أكبر لإمام الحرم ؟ وهل أكثر من تخدير عقولهم بالكفر والضّلالة دورا دور ؟ وهل أكثر من تزيين حكم الفرد والعائلة دورا يمكن أن يكون له دور؟ أو ليست من مقولاتهم الضالّة : “سلطان ظلوم خير من فتنة تدوم” أو ليست مقولات “الفتنة” من أشدّ المقولات التي أرهب بها وجدان الإنسان السعودي وعقله خاصة والخليجي عامّة؟
إنّ الغرابة الحقيقيّة أن يفعل السديسي غير الذي فعل وأن يقول غير الذي قال ؟