عدنان منصر
تصريح وزير الخارجية السعودي الذي جعل من دعم قطر لحماس لب الخلاف بين الدولتين دليل آخر على عمق الاصطفاف الخليجي وراء اسرائيل.
النظام الرسمي العربي لا امكانية استمرار له خارج معادلة التطبيع مع الكيان الصهيوني. هذه الوهابية المطبعة مع أعداء الأمة، والتي تسخر كل امكاناتها للاجهاز على الشكل الاخير من المقاومة لاسرائيل هي الوجه الحقيقي للنظام الرسمي العربي. تجييش الشعور الطائفي، ادعاء الدفاع عن السنة، دعم التنظيمات المسلحة الأكثر تطرفا، التآمر ضد كل حركات التغيير، ليست كلها سوى أدوات لوضع مقدرات الأمة الاقتصادية والبشرية خارج معادلة الصراع ضد اسرائيل. من الضروري الآن أن تتم مراجعات شجاعة حول أخطاء الديمقراطيين والثورات العربية: الصراع ضد المنظومات الاستبدادية ليس الا جزءا بسيطا من الصراع ضد اسرائيل، وخدمها وحشمها. هل من حياد ممكن في مثل هذه المعارك؟ حتما لا. في مثل هذه المعارك تجد ممالك الملح نفسها مجبرة على محاصرة دولة صغيرة، برا وبحرا وجوا، من أجل تركيعها بالكامل، في حصار لم تطبق مثيلا له منذ زمن قريش. في كل مرة يقيض الله لهذه الأمة من العبر ما يكفي كل أمم الأرض، وإلى الأبد…
يكفي أن تنظر في موقف اليمن اليوم من الأزمة الخليجية لتفهم في أي واد سحيق ألقي بثورات الرببع العربي. حكومة يفترض أن تكون، ولو في الحد الادنى، استمرارا للثورة، يحدد قرارها السيادي بالفاكس. هذا مجرد مثال بائس آخر على أن كثيرا من الأمور تتطلب إعادة نظر. مقتل ثورات 2011 أنها استغرقت في تفاصيل ثانوية مقارنة بالموقف من استقلال القرار السيادي. طيلة ستين عاما والديمقراطيون العرب يؤكدون أن التنمية تمر عبر السيادة، وعندما حان وقت القرار، وجدوا أنفسهم مع التنمية بلا سيادة، فلا حققوا تنمية ولا سيادة. هناك منطق في العلاقات الدولية، وهذا المنطق يستند إلى القوة وموازينها، وليس للحق أو للمبدأ. هذا ليس بالأمر المحزن ولا المفرح: الأمور ببساطة تتم هكذا. فيما عدا ذلك، يمكن ترك الناس يتمرغون في التفاؤل بالمستقبل المشرق، غير أنهم يجب ألا ينتظروا شيئا من أية قوى تغيير كل همها هو إعادة انتاج النظام الرسمي العربي. الأمة الحقيقية هي الأمة ذات السيادة، وليس من أمة فاعلة في عالم اليوم لم تجتز هذا الامتحان وتنتصر فيه… أنتج خبزك أولا، بعد ذلك يمكن أن تدَّعِيَ الوجود !