ضغوط كبيرة تتعرّض لها تونس لإقصاء حركة النهضة
شكري عزوز
لقاء برائحة السبعينيّات (سنة 1979) هو الذي جمع رئيس الجمهوريّة بثلاثة من رموز حركة النّهضة
– لم يقتصر اللقاء على رئيس الحركة (إذا كان المقصود لقاء مع ممثّل عن حزب سياسي) ولم يكن حاضرا علي العريّض مثلا (إذا كان المقصود التشاور مع مسؤولين في الحزب من ذوي التجارب في الحكم) ولم يكن لا الجلاصي ولا العيادي حاضرا (إذا كان المقصود الإجتماع بالهياكل الحزبيّة) ولم يكن البحيري حاضرا بمفرده بوصفه رئيس كتلة النهضة في البرلمان (إذا كان المقصود التنسيق بين الكتل البرلمانيّة لغاية معيّنة).
لم يكن المقصود باللقاء أيّا من هذه الفرضيات بل كان الموضوع يتعلّق بوجود النّهضة في حدّ ذاته ولذلك تمّ اللقاء مع مؤسّسيها ورموزها التاريخيين منذ أن كان اسمها حركة الإتجاه الإسلامي -وذلك ما يؤكّده محتوى البيانات الثلاثة التي صدرت بعد اللقاء (بيان رئاسة الجمهوريّة وبيان مكتب رئيس الحركة وبيان الحركة) والتي كانت متشابهة فوق السّطور ومختلفة اختلافا كبيرا بين السطور- كان أكثرها وضوحا وتفصيلا بيان حزب حركة النهضة الذي تعرّض لتأكيد رئيس الجمهوريّة على أنّ منتسبي النّهضة مواطنون متساوون مع غيرهم من التونسيين في الحقوق والواجبات عند حضوره بقمّة الرّياض وبمؤتمر الدّول السبع الكبار بسيسيليا وكان الواضح انّ موضوع مشاركة النّهضة في الحكم وفي الحياة السياسيّة عموما أعيد طرحه من جديد في اللقاءين الذين حضرهما الباجي و (والذين كانت حاضرة فيهما الإمارات العربيّة المتّحدة ومصر) كما تعرّض البيان لموضوع محاربة الفساد واعتبار التهريب نوعا من أنواع الفساد ودعم مجهود الحكومة في مقاومته (على عكس ما هو موجود في تصنيف منظّمة التجارة العالميّة التي تعتبر التهريب جريمة جمركيّة خاضعة للقوانين العاديّة) والمقصود هو أنّ النّهضة غير مهتمّة كثيرا لما تعرّض له شفيق الجرّاية بقدر اهتمامها للجهات (الأجنبيّة) التي تقف وراء تحريك موضوع ايقاف الجراية ومصادرة أملاكه والتي كانت وراء اعداد مشروع انشاء لجنة تجفيف تمويل الإرهاب خلال القمّة الخليجيّة التي أجريت على هامش قمّة الرّياض والتي أعدّتها الإمارات العربيّة المتحدة (الإمارات العربيّة المتحدة تعتبر حفتر هو الحاكم الشرعي في ليبيا وتعتبر العاصمة طرابلس مرتهنة بين يدي تنظيم القاعدة التي يقودها عبد الحكيم بلحاج وتجرّم كلّ تعامل مالي معه).
– اجتماع حركة النّهضة بالباجي سبقته حملة إماراتيّة – سعوديّة ضخمة لحسم موضوع التعامل مع دول الرّبيع العربي وداعميها (اتهامات متبادلة حول اختراقات الكترونيّة – حضر جميع المواقع الإلكترونيّة والتلفزيّة القطريّة في كلّ من الإمارات والسعوديّة والبحرين واستدعاء للسفراء – إلغاء صفقة السلاح بين تركيا والسعوديّة – الهجوم السريع على طرابلس وتحرير المحمودي ودوردة والسنوسي – قصف مدينة درنة رغم نجاحها في هزيمة تنظيم الدّولة – تصريحات حفتر حول استرجاع طرابلس – حملة إشهاريّة واسعة للخطوط الجويّة الإماراتيّة في وسائل الإعلام التونسية في مقابل غياب اشهار الخطوط القطريّة…) ولم تتحرّك النّهضة بأعمدتها ورموزها (الذين حرصوا على الجلوس حسب اللأهميّة التاريخيّة) إلّا بعد ان وصلتها معلومات أكيدة حول ضغوط كبيرة تتعرّض لها تونس لإقصائها (بطريقة أو بأخرى) وإنهاء وجودها السياسي وربّما وجودها الإجتماعي أصلا.