محمد بن نصر
تحركت منظومة الفساد حول نفسها فأحدتث أصواتا حاكت فيها أصوات الثورة الجريحة، ظنّها بعض نخبتنا أنّها من تعاويذ التوابين فرفعوا شارات النصر مُهلّلين مكبّرين فرحا بعودة الإبن الضال.
وتنادوا إلى حفل التعميد ولكن الإبن التائب تاه في دروب المنظومة يتقاذفه كبراؤها فعلم بعد صولته الركحية أن طقوس الإرتقاء فيها لم يكن سبيلها يوما من الأيام لا الصوت العالي ولا الخبط العشوائي، فسكن في انتطار من يرفعه عاليا أو من يدوسه أرضا لا حول له ولا قوة.
ما فات الواهمين أن منظومة الفساد حين تحركت، تحركت لتعديل جلستها وترتيب بيتها الذي تعددت فيه الرؤوس بعد أن كان تحت إمرة رجل واحد، لا يُعصى له أمر ولا يُرفض له نهي. زادتها هذه الحالة إرهاقا حين لم تعد أقلامها المأجورة تعزف على نغم واحد فقد عبثت بأوتارها رياح الثورة التي هبّت من الكامور. كان إذا لزاما عليها أن تضع على رأس إمارة الإفساد والفساد أحد جنرالاتها الأكثر حنكة والأوفر مالا ودهاء فالتفت على أطرافها رافعة شعار محاربة الفساد ولكن الحيلة لم تنطلي على شعبنا الذي خبر كنهها بحكم تراكم تجاربه المؤلمة فتبيّن له ما خفي عن نخبة لم تعد قادرة على قراءة الأحداث إلاّ بمفردات الدولة العميقة.