إلى السيد رئيس الحكومة
سيدي رئيس الحكومة
تحية تليق بمقام من تعلقت همتهم بالإصلاح وبعد:
إن ما قمتم به من فتح ملفات الفساد يعد مطلبا مركزيا للثورة وللوطن. وإن ما انتم مقدمون عليه لجلل خطير، من مقتضياته الثبات والإستمرار. فإنك إن لم تثبت جرفك تيار الإرتداد عليك، وإن لم تستمر إنقلب عليك بعض داعميك. وإنك وإن كنت عند البعض قد استُقدمت، من طرف فئة، تريدك لتكون طيعا لديها تحقق على ظهرك أهدافها، وتبلغ بإمضائك مآربها، وتنفي بقيادتك خصوما. وإن كنت كذلك فإن ما أقدمت عليه من ابتدار ملفات تهم أمن البلاد واقتصادها ووحدتها. فإن ما صاحب هذا القرار سواء كنتم قصدتموه أو غير دلك، قد اتجهت نحوه الاعين وشدت اليه الإرادات وتآلفت حوله الأهداف وتوحدت الغاية فيه حيث كانت تحقيقا لأهداف الثورة والسعي نحو استقرار البلاد وبناء ازدهارها.
سيدي رئيس الحكومة
وإن الذي أقدمتم عليه من اعتقال بعض ممن رأيتم فيهم خطرا على البلاد وأمنها هو ممدوح في حال ثبات نيتكم على الإصلاح واستعانتكم عليه بمن شهد لهم بالأمانة والصلاح. وإننا إذ نثمن هذا الإقدام فإننا ندعوا سيادتكم الى احترام الذات البشرية والإنسانية فيهم مع استمرار إصراركم على مواصلة مقاضاتهم بالعدل والقسطاس ما ينحت لبلادنا طريقا سالكة لحقوق الأفراد والجماعات وينذر أهل الباطل الزهوق عواقب باطلهم. وإننا إذ نثني على افتتاحكم الذي شققتم بداية المنفذ إليه فإننا نحرضكم على المواصلة فيه ولو أصابتنا بعض شضاياه، إذ الإصلاح محفوف بالألغام والمخاطر.
سيدي رئيس الحكومة
اننا ندعوكم الى توسيع ما أقدمتم عليه وجمع شتات كل من أراد أن يسهم فيه أحزابا وجمعيات وأفرادا… وليس يضيرنا أن يقال أن رئيس الحكومة إنما يفعل هذا للإستزادة من شعبيته، وإن قيل، فلا باس إنما ننتدب الذين لا نعرفهم لغايات نراها فإن أفلحوا فإنهم الأولى بها وإن تصنعوا لذلك الصنائع على غير طبيعة فيهم لأن الطبائع قد تتغير بالتطبع أو بالسياقات.
واعلم سيدي رئيس الحكومة أنك إن مضيت الى ما يأمله الناس كنت لهم قدوة ورمزا فيؤازرونك ويشدون عضدك. وتراهم يفتدونك بالغالي والنفيس من أجل ضمان حياتهم وشحن المستقبل بالأمل ليعيش فيه أبناؤهم على غير ما عاشوا عليه من المهانة والإذلال والحاجة. وإن خذلتهم لا قدر الله تفرقوا من حولكم وعملوا ضدكم بعد أن كانوا معكم بنفس الجهد وأكثر.
سيدي رئيس الحكومة
لعل التحاليل المتسيسة ترفع من عزمك وتشد من عضدك حتى كأنك المهدي الشاهد المخلص الذي سيملأ الدنيا عدلا بعد ان ملأت جورا. أو تحط منه حتى كانك الدمية بين اصابع الفاسدين يقلبونها حيث أرادوا، كل على حسب مصلحته وحزبه ومذهبه. والحس السليم يدفع نحو الإصلاح والإستمرار في نهجه وإن لك في من سبقك في التاريح أمثلة حيث أشاد بهم التاريخ لمجرد اقتراح اقترحوه (خيرالدين التونسي) او موقف وقفوه (المنصف باي) أو طريق سطروه (بورقيبة) أو لمجرد مبادرة قاموا بها. وأنتم يا سيادة الرئيس قد اقترحتم واتخذتم الموقف وبادرتم الى الفساد لتصفيته. وتخليص ثروات البلاد من الناهبين الداخليين والخارجيين.
فاعزموا وامضوا وان اهل البلاد من عامة وخاصة معكم في معركة الوطن ضد الفساد والإفساد وليكن الشعار من لم يحارب الفساد فهو معه أو على الأقل متقاعس عن واجبه.
أنا معكم فيما انتم فيه لا شرط لي الا توسيع دائرة الفعل والإستمرار الى الهدف المرسوم وهو تصفية تركة الفساد والإستبداد والثبات في أرض تونس من أجل تخليصها من مخلفات ما يعكر نموها ويعطل تطورها ويعيق تقدمها.
وتقبلوا فائق العزم وخالص الجهد في مسيرة الإصلاح والإستقلال.