عبد اللّطيف درباله
حسنا.. فلنفترض حسن النيّة في يوسف الشاهد.. ولنحاول أن نصدّق أنّه بدأ يقود فعلا حربا صادقة ضدّ الفساد..
فلنفترض..
من هم جميع الموقوفين في الحملة حتّى الآن؟؟
الحقيقة أنّه في ما عدا شفيق الجرّاية الضالع قي ممارسة السياسة بعمق وفي علاقات (بعضها مشبوه) مع عدّة شخصيّات وجهات سياسيّة.. إلى جانب تجارته وأعماله الأخرى المعروفة والمجهولة.. فإنّ كلّ الموقوفين هم مجرّد وجوه معروفة تنشط في عالم التجارة الموازية والتهريب المصطلح تسميتها بال”كنترا”..!!!
وفقط..
وبرغم اعتبار التهريب والتجارة الموازية أعمالا غير قانونية تستحقّ التتبّع والمحاسبة.. فإنّها لا تصنّف باعتبارها من وجوه الفساد.. ولا تكتسي تلك الأعمال غير القانونية صفة الفساد إلاّ في جانب منها فقط يخصّ علاقات الرشوة مع الديوانة وبعض السلط الأمنية وغيرها.. لكنّ نشاط التجارة الموازية وتهريب البضائع في حدّ ذاته هو جريمة لا تصنّفها المنظمات الدولية باعتبارها فسادا..
وهي أنشطة موجودة حتّى في الدول المتقدّمة مثل فرنسا وإيطاليا وأنجلترا والولايات المتحدة نفسها.. وتصنّف دائما كتجارة موازية غير قانونية وليس كفساد..!!!
يعني أن رئيس الحكومةّ يوسف الشاهد لم يقم في الواقع حتّى الآن سوى بحملة أمنيّة ضدّ “الكناتريّة” ورؤوس التجارة الموازية وتهريب البضائع.. لكنّه يحاول تسويقها لعامّة الشعب على أنّها حرب كبرى ومقدّسة ضدّ الفساد..!!!
علما وأنّ الحملة على التجارة الموازية هي إحدى المطالب الأساسيّة التي يلحّ عليها خصوصا اتّحاد الصناعة والتجارة منذ مدّة..
في حين أنّ أقطابا في اتّحاد الصناعة والتجارة هم أساسا المورّطين في قضايا فساد كبرى.. تخصّ جوهر الفساد كما تصنّفه المنظّمات الدوليّة.. وملفّاتهم مفتوحة أمام القضاء.. ومنهم من صدرت ضدّهم أحكاما..
ولذلك فإنّ اتحاد الصناعة والتجارة يعمل على إقرار وتفعيل قانون المصالحة..!!
كما أنّ قانون المصالحة المقترح من السبسي والذي يؤيّده رئيس الحكومة يوسف الشاهد نفسه بقوّة ويدافع عنه ويسوّق له.. وهو الذي يزعم اليوم أنّه يقود حربا ضدّ الفساد.. هو في حقيقته محاولة لتكريس عفو خاصّ بقانون عام عن الفاسدين الحقيقيّين.. والذين تصنّف جرائمهم بالفعل قانونا وسياسة ومن قبل كلّ المنظمات الدولية المختصّة باعتبارها فسادا لا شكّ فيه ولا اختلاف..!!!
فكيف يزعم رئيس الحكومة محاربة الفساد بإيقاف الكناتريّة والعفو عن الفاسدين الحقيقيين..؟؟!!!