الأمين البوعزيزي
– في يوم من أيام الزمن النوفمبري البغيض؛ رست سيارة أمام منزل بأحد مخيمات بلدات الغبن التنموي والمعنوي. نزل ثلاث رجالات تحجب أعينهم نظارات سوداء… هب لاستقبالهم رب البيت مسلّما تفضلوا تفضلوا زوزوا (أدخلوا) للدار…
ارتبك الجماعة وافهموه أنهم قادمون لاعتقال إبنته (طالبة ناشطة في إتحاد الطلبة). لفت انتباههم إلى مشهد إبنته في تلك اللحظات وهي منكبة على إعداد كَسرة الطاجين (خبز) والدخان يهد عينيها؛ قائلا: حدّة بنتي نا خطر على سلامة أمن الدولة!!! اسمعوني يا رجال: غدوة نجيبلكم بنتي للمركز لكن قولوا لعرفكم الكبير؛ دولة تخاف من حدّة بنتي نا ما تجيش دولة!!!.
– عام 17 ديسمبر لما تجذرت المعارك المواطنية الإجتماعية في بلدات بوزيان وتالة وتورط جحافل بوليس التعليمات النوفمبرية في سفك دماء العزّل لكنها اضطرت إلى الإنسحاب أمام بسالة المنتفضين… ساعة الإنسحاب زغردت الحرائر أمهات الشهداء وقلن بافتخار أسطوري: آمس خرّجنا (أطردنا) فرانسا واليوم نخرّجوا الإستقلال…
“بكري ڨلنا روامة خلّي يجينا العربي خير… طلعوا الزّوز توامة رضعوا من حليب الخنزير“.
———- تلك مواقف مواطنية نحتتها الأيام… هي دروس فلسفية عميقة في التحرر المواطني الاجتماعي السيادي؛ تُعدّ أعمق من ثرثرة نخب الأكاديميا التي لا تعدو أن تكون إعترافا جامعيا يمكّنها من عرض نفسها خادما مطيعا لتزييف ملاحم الشعوب في التحرر من نظام الإذلال والاستباحة…
– الشعب يريد اسقاط النظام يعني أيضا إسقاط النظام المعرفي المورّط في تأبيد الإستبداد والاضطهاد.
– الحوض المنجمي… 17 ديسمبر… جمنة… تونين… بنڨردان… تطاوين… خرائط تحررية على درب وطن المواطنين الإجتماعي السيادي.
#المثقف_المشتبك في مواجهة نخب التزييف الأيديولوجي.