حول حراك تونس الإرادة ومؤتمره الأول
الأمين البوعزيزي
“أما عني فإني لن أنسى حجم التقدير والتوقير الذي حظيت به والثقة المطلقة في شخصي؛ لكن آن الأوان لفك الإرتباط بكل إلتزام حزبي والتفرغ لما أحسب نفسي قادر على الاضافة فيه: الاشتباك الإجتماعي والاشتباك الثقافي والمعرفي والعقائدي هناك وسط الحشود بكل مرجعياتها…”
ولد هذا الحزب من رحم هبة شعبية انتخابية رافضة لانقضاض عصابة السراق على مؤسسة الرئاسة في إنتخابات ديسمبر 2014. كشفت تلك المعركة الإنتخابية أن الديمقراطية هي أيضا معركة شعبية في العمق. وكشفت عن زخم شعبي لم يسبق له ممارسة السياسة التفّ عاطفيا حول المنصف المرزوقي لأسباب سوسيو نفسية ليس هنا مجال شرحها. كنت ممن كانوا فاعلين في تلك المعركة التي استقطبت كل المتجاوزين للتشرنق الأيديولوجي المزيف. كان ممكن جدا أن أقطع صلتي بنتائج تلك المعركة لو صعد المرزوقي لسدة الحكم (لم ولن أنتمي ما حييت لحزب حاكم لسبب وحيد: حراسة المعنى ممن يتقاطرون ساعة الغنيمة). قبلت بمواصلة التجربة لسبب وحيد: المساهمة في تنظيم وهيكلة وتكوين تلك الحشود الصادقة المطهرة من التخريب السياسوي النخبوي… تمت هيكلة حوالي 120 محلية وعقد مؤتمراتها انتخابيا… توجت بمؤتمر وطني امتد لثلاثة أيام كشفت عن صراحة ويقظة مواطنية قادها خصوصا الشباب والنساء الذين ساهموا في صياغة كل اللوائح السياسية والاقتصادية والثقافية والتنظيمية… كانت النقاشات صريحة وحادة لا أستذة ولا وصاية فيها… كان الشباب صمام أمان لإختبار مقولات التأسيس الأفقي للأحزاب والتدبير الأفقي والمواطنية؛ وجر الساسة المحترفين من ألسنتهم حتى تنسجم الأساليب مع الغايات والمنطلقات… أعلن الحزب في وثائقه أنه حزب تحرري يناضل في سبيل رفع الوصاية عن الإنسان والشعوب والأوطان إنتصارا للحرية أولا وأخيرا… أعلن التزامه بثالوث المواطنية الإجتماعية السيادية المقاومة لكل مخططات الإذلال الوطني والاستباحة الاجتماعية والاغتيال الإقتصادي… أعلن أنه حزب المشترك الوطني في إدارة القرار والثروات… إجماع المؤتمرين حول المرزوقي رئيسا للحزب في دورة أخرى كان إجماعا عاطفيا لا صلوحيات مطلقة منحت له بل رأينا المؤتمرين وخصوصا الشباب منهم كانوا معه في قمة الصراحة حد القسوة… قوة هذا الحزب أنه منح الثقة لجيل جديد لم يمارس السياسة من قبل… قوة هذا الحزب في قدرته على الزج بكم كبير ممن تم اقصاؤهم من الخوض في الشأن العام أو عزفوا طوعا وهاهم يتقاطرون طوعا أملا في تدبير مصير بلدهم… حزب وقفت على ذمته المالية المطهرة من كل ارتهان لقوى الترويض المحلي والدولي (هذه شهادة أطلب فيها أمام الخالق) ردا على عديد الغوغائيين الذين يغمزون ويلمزون… الحزب مازال أمامه الكثير من الجهد لتتمثل قواعده مضامين التحررية المواطنية الإجتماعية السيادية وهذا ممكن فقط من خلال خوض المعارك في صلب الجماهير لبناء دولة المواطنين… غدا ندوة صحفية للإعلان عن المكتب التنفيذي الجديد وأمينه العام.
———- أما عني فإني لن أنسى حجم التقدير والتوقير الذي حظيت به والثقة المطلقة في شخصي؛ لكن آن الأوان لفك الإرتباط بكل إلتزام حزبي والتفرغ لما أحسب نفسي قادر على الاضافة فيه: الاشتباك الإجتماعي والاشتباك الثقافي والمعرفي والعقائدي هناك وسط الحشود بكل مرجعياتها… هذا ليس كفرا بالأحزاب فهي في رأيي الأسلوب الأمثل في تنظيم البشر لتغيير واقعهم… لكن كل ينجز ما هو قادر على الإضافة فيه… انا أرى نفسي مثقفا مشتبكا لا حزبيا محترفا… سأكون في خدمة كل مبادرة لتقريب الأحزاب الإجتماعية الديمقراطية لبناء الممكن الديمقراطي الاجتماعي السيادي… إيمانا مني بتلازم مسارات الكفاح الديمقراطي والنضال الإجتماعي للتحرر من الإستبداد والاضطهاد…
وسلام على الأوفياء لدماء الشهداء…