رسالة “مباركة الزوالية” إلى زعيم الجبهة “الشيوعية”

صالح التيزاوي

تقول الخالة مباركة:

تسمرت، أمام كل الفضائيات بعد خطاب الرئيس، وأنصت إلى كل الإذاعات، لأستمع منك وحدك إلى القول الفصل، فيما قيل، وفيما يقال. لقد تحدثوا عن “عسكرة منابع الثورة”، وتحدثوا عن “الإنتقال الديمقىراطي المهدد” وتحدثوا عن “قانون حماية اللصوص”، وعن “رئيس الهيئة المستقيل”، ولكن لا أحد تحدث عن “قفة الزوالي”، فأين أنت اليوم من همومنا ؟ هل أصبحت معنيا بالإنتخابات المبكرة، أكثر من رعاياك من “الجياع”، الذي كنت زمن الترويكا، تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل “فيم سلاطة مشوية” في فصل الشتاء. ومن أجل “ربيطةالمعدنوس” التي اشتعلت فيها النيران. أيام كنت تصول وتجول وتنتقل من فضائية إلى أخرى، وتحتفي بك وسائل الإعلام، وتقدمك على أنك شيوعي أصيل، من سلالة عباقرة الفكر الشيوعي “لينين” العظيم وخلفه “ستالين”، حتى خيل إلينا أن عبد الوهاب عبد الله، سلمك مفاتيح الإعلام، فأصبح في قبضتك.

فقلت في نفسي: هنيئا لنا معشر الفقراء بهكذا زعيم، من سلالة العظام المدافعين عن الكادحين. ماذا حدث لك اليوم؟ هل تغيرت منذ أن أكلت “الروز بالفاكية” مع “أعدائك” التاريخيين من البرجوازيين، وأرباب المال؟ هل غيروا من عاداتك في الوفاء “للزواولة”. رحم الله أيام زمان، عندما كنت تولول لما أصاب قفتنا من الخواء، وگانها كانت ممتلئة زمن المخلوع… دعنا من تقليب المواجع والنبش في الماضي، هل تعلم أننا اليوم لم نعد نمتلك قفة أصلا؟ لم نعد نحتاجها لأننا لا نجد ما نضع فيها، من فرط الغلاء الذي كنت تزعم أنك مبعوث العناية الشيوعية لمقاومته، وأنه عدوك الأول،

أيها الرفيق؟ هل شغلتك أحلامك وبهرجك عن فقرنا؟ هل انتهت معركتك مع الفقر لمجرد خروج الترويكا من الحكم؟ كنت ترى في كل خطوة، وفي كل قول وفعل مؤامرة على الزوالي. فها هي اليوم كل المؤامرات تتجمع علينا وأنت: “أين أنت” ؟ رفيقك “المناضل الفسفاطي” أضحى كافرا بالإحتجاجات، حتى السلمية منها، فهي “كلام فارغ” على حد زعمه. والثروة النفطية خط أحمر لا أحد يقترب منها، والمطالبون بحق الدولة قبل حقهم فيها، وبمراجعة عقودها والمطالبون بقدر من الشفافية فيما يتعلق بثرواتنا الطبيعية، هؤلاء ينامون في العراء، يفترشون الرمال، ويتلحفون بحرها وبزمهريرها، كل هذا وأنت “لا حس ولا خبر”.

رحم الله أيام كنت تؤيد كل أشكال الإحتجاج، حتى تلك التي كانت تطالب بالتنمية في جنح الظلام (أيام حكم السيد الحبيب الصيد)، وقد كانت تلك الإحتجاجات سببا في زوال حكمه، كما زال حكم من كان قبله. وعندما قدم إلى مجلس النواب يقدم استقالته، تعاطفت معه… أليس هذا غريبا؟ عندما طالب الرئيس السابق المنصف المرزوقي، بهدنة اجتماعية لمدة ستة أشهر فقط، قلتم “هذا مصطلح عسكري نرفضه”، وانتم تعرفون جيدا خلفيته الحقوقية والمدنية والنضالية، تماما كما هو الحال بالنسبة لحكومة الترويكا، وتعرفون جيدا أنهم لن يذهبوا في خيارات غير شعبية، ورغم ذلك عطلتم الإنتاج والتنمية في الداخل، وأفتى “كهنة معبدكم” بحرمة الإقتراض من الخارج بدعوى أن ذلك يغرق البلاد في المديونية.

حضرة الرفيق، اليوم، تجمع علينا بطء التنمية وارتفاع المديونية، وعضة الجوع، فلماذا لا نحس لك ركزا ؟ أسألك بجميع الصالحين من الشيوعيين، سلفا وخلفا: ألم يعد يشجيك “موال” الزوالي وقفته، والمعطل ومحنته؟

حضرة الرفيق، الفقراء مستاؤون منك، فهل تترفق وتقبل استياءنا؟ سمعتك تلعن الفساد وأهله، ولكن هؤلاء الذين تسميهم فاسدين، وناهبين، هم الذين أثثوا لك اعتصام الرحيل وأطعموا المرابطين من أمثالك قبالة التأسيسي، مطالبين بحله، فإذا قلت بأنك فعلت ذلك نكاية بحكم الترويكا، فهذا يعني أننا امام سياسي لا يهتم بالمبادئ، ومن هانت عليه مبادئه، هانت عليه قفة الزوالي.

Exit mobile version