هذا ليس تحريضا للقضاة ولا على السياسيين
كمال الشارني
التشغيل يحتاج إلى النموّ، والنموّ يحتاج استثمارا والاستثمار يحتاج مناخا اقتصاديا سليما فيه قواعد واضحة ومطبقة، والمناخ الاقتصادي يحتاج إلى دولة، والدولة تحتاج إلى رجال دولة.
الآن، لنرى العالم من جهة الانحراف:
الإثراء الفاحش يحتاج الإفلات من العقاب، ومخالفة القانون تحتاج إلى الفوضى، والفوضى تحتاج إلى موظفين فاسدين أو عاجزين، والموظفون الفاسدون أو العاجزون يحتاجون إلى سياسيين أفسد منهم لحمايتهم، يعني “رجال فساد في الدولة”.
لنرى العالم من المنطق:
مقاومة الفساد تحتاج رجالا نظافا، أيدي نظيفة غير مرتعشة لأنها ليس لها ما تخجل منه أو ما تخفيه، لا تحتاج مقاومة الفساد إلى سياسيين بطموحات سرية، بل إلى موظفين شجعان، بقدر شجاعة القاضي الإيطالي “أنطونيو دي بياترو”، أو زميله “الشهيد” جيوفياني فالكوني.
أخيرا: هذا ليس تحريضا للقضاة ضد أباطرة الفساد ولا حتى ضد السياسيين الفاسدين، وليس تحريضا ضد أي كان في هذا الوطن الكئيب، أنا جربت البطولة البائسة في بداية شبابي، وأعرف معنى أن يحترق الإنسان وحده، ولا تبكي عليه سوى أمه، خصوصا حين تكون محاطا بمنتحلي الصفة، بدءا بالإعلام، وصولا إلى السياسيين، مرورا بمدعيي الثورة.