خليل كمون
عند مواجهة السلطة لأزماتها يكون استعمال القوة حلا أخيرا… عند استنفاذ جميع الحلول السلمية والتفاوضية أو فشلها تماما، واستعمال القوة لكي يكون حلا ناجعا، ربما يحتاج إلى رصيد من الإسناد الشعبي والشرعي ويوجه ضد فئة صغيرة حصل الإجماع حول مخالفتها للقانون… وإلا سيأتي برأس السلطة ويؤدي إلى بروز توازن جديد. فتهديد رئيس الدولة بتدخل الجيش لحماية الإنتاج والثروات، إن كان الكلام جديا لا يمثل إلا حلا أخيرا في معالجة أزمة تطاوين واحتمالات نجاحه ضعيفة جدا بل مستحيلة مقارنة بظروف فشله… وهنا يمكن التساؤل عن سيناريوهات ما بعد الفشل؟ وأمام أعيننا تجارب عديدة راهنت على استدامة القوة فانهارت الدولة وتفكك المجتمع… ودخلت في مرحلة من الإحتراب والفوضى والتدخل الأجنبي…
لا أضن أن النوايا جدية في استعمال القوة بالمنطق الكلي للكلمة وبما تحمله من سيناريوهات مخيفة… بل كانت النية التهديد فقط ومحاولة فرض حل ومخرج مشرف للحكومة عبر التفاوض ومن موقع القوة لان جميع المقترحات التي قدمت لشباب تطاوين جوبهت بالرفض، وإلا ما معنا التهديد ثم إرسال وزير لمزيد التفاوض في اليوم الموالي.
السلطة السياسية في تونس اليوم في مأزق حقيقي لا تحسد عليه، فلا يمكن مواصلة الصمت والتجاهل إلى أن تخفت حدة الاحتجاجات، كما لا يمكن تقديم حلول لان الوقت قد فات، كما لا يمكن الإقدام عن استعمال القوة لأنه خطر محدق وفيه مغامرة كبيرة… فرغم مساندة عدة قوى حية وحساسيات للحكومة والرئيس ورغم الإسناد المفبرك إعلاميا لهكذا خطوة، فان هذا الالتفاف سينفرط عقده ويندثر عند بداية الفعل، وربما تتأزم الأوضاع أكثر وتتوجه كلها للبحث عن تهدئة تأتي برأس السلطة.
السلطة التي ترغب في استدامة رصيدها ونفوذها وشرعيتها تتبع مسارا مخالف تماما وتكون علاقتها بالمجتمع متواصلة مستمرة متينة ومستدامة تستبق الصعوبات وتوفر الحلول، بينما السلطة السائدة في تونس صمتت دهرا ونطقت كفرا، فاقمت المشاكل ثم هددت بالقوة، فأصبحت عاجزة على الحل وغير قادرة على الفعل، فهي بالتالي في نهاية الصلوحية.