خطابَ أزمة تحوّل إلى مصدر تأزيم
ما كان يجب أن يكون خطابَ أزمة تحوّل في حدّ ذاته إلى مصدر تأزيم. الرئيس، وخلال ساعة من الزمن، حاول النأي بنفسه عن مشاكل البلاد والعباد والحال أنّه مصدر رئيسي لتلك المشاكل، ناهيك أنّه نسف الدستور وحوّل نظام الحكم إلى رئاسي بامتياز. أكثر من ذلك، أكّد الرئيس، في خطابه، الاصطفاف ضدّ جميع القوى المعارضة.. ضدّ معارضيه -بمن فيهم محسن مرزوق الذي خصّه لوحده بأكثر من 10 دقائق في بداية كلمته- وضدّ المعتصمين وضدّ رئيس هيئة الانتخابات وضدّ معارضي قانون المصالحة وضدّ جماهير الكرة..
ما قاله الرئيس تحديدا هو أنّنا إزاء دولة ترعى الفساد وتشرّع له ولا مجال، في نظره ونظر حلفائه، أن تتراجع الدولة -دولته هو كما يريدها ومن وراءه ومن خلفه- عن ذاك الدور المشين الذي يضرب بالمدونة الحقوقية عرض الحائط..
يُضاف كلّ ذلك لتعطيل وعرقلة عمل جميع الهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة بشكل منهجي مدبّر، إلى جانب تغييب أيّ مؤسسة مستقلّة تعنى بمراقبة دستورية التشريعات..
نحن إزاء مخاطر جمّة مصدرها أساسا الرئيس وشلّته من عائلة وأصهار وحلفاء.. ولم يكن قطاع واسع من الرأي العام مخطئا حين ارتاب من إعلان الخطاب قبل أيام فالرجل ليس أهلا للأمانة، أمانة صيانة الدستور والسهر على تطبيقه..