أحمد القاري
تمسكت الصين وتايوان وهونغ كونغ وماكاو واليابان وكوريا بأنظمة كتابتها المعتمدة على الرموز وقاومت محاولة استبدالها بنظام الكتابة الروماني.
أما فيتنام فكانت تعتمد على نظام كتابة صيني حتى تمكن الفرنسيون من تعويضه بالحروف اللاتينية، أو “رومنته” كما تسمى هذه العملية لغويا.
هذا نص من بحث يتحدث عن تطور استخدام اللغات الأجنبية في فيتنام، للأستاذ (نغانغ نغويينغ)، منشور في “المجلة الدولية للإنسانيات و العلوم الاجتماعية” عدد دجمبر سنة 2012.
“عندما احتل الفرنسيون فيتنام في منتصف القرن التاسع عشر، وضعوا سياسة لغوية همشت التأثير الصيني. وتم الاعتراف باللغة الفيتنامية، لغة أغلبية السكان من قومية (كينه) باعتبارها “اللغة الوطنية”. لكن، تم في الوقت نفسه إعلان الفرنسية لغة رسمية.
وكان واضحا أن المستعمر أعطى أولوية للفرنسية وركز جهوده على تعليمها. الدراسات العليا تم توفيرها بالفرنسية فقط.
التحدث بالفرنسية، والتفكير بطريقة فرنسية، وتبني نمط الحياة الفرنسي كانت جزءا من خطط الاستعمار الفرنسي.
أصبحت الفرنسية لغة المراسلات الإدارية، والوثائق التجارية، والتعليم الجامعي.
بينما لم يتم إعطاء أي أهمية للغة الفيتنامية بالرغم من أنها كانت تدرس في المستويات الأولى من التعليم.
كانت الفرنسية أداة الحصول على المكانة الإجتماعية وخدمة حكومة المستعمر في الوقت نفسه.
نجاح ثورة 1945 أدى لقيام جمهورية فيتنام الديمقراطية وفتح الباب للفيتنامية لتحصل على مكانة في النظام الجديد.
وكما أشرت سابقا فإن الفيتنامية هي لغة قومية (كينه) وهم يشكلون 85 % من سكان البلاد إلى جانب 54 قومية أخرى يتحدثون 108 لغات مختلفة.
تم إعلان الفيتنامية لغة للتعليم وبدأ استخدامها في الحكومة، والمراسلات الإدارية، والوثائق التجارية وغيرها.
وتم كتابة وثيقة استقلال فيتنام بالفيتنامية. واعتمدت الفيتنامية لغة للتعليم في الجامعات التي أسستها الحكومات المحلية.
وبسرعة جرى تهميش الفرنسية والصينية وأصبحت لغات أجنبية لا يتحدثها إلا عدد قليل من السكان.”
نجح الفرنسيون في تعويض الحرف الصيني في فيتنام بنظام كتابة لاتيني. ولكنهم لم ينجحوا في إحلال الفرنسية محل الفيتنامية في الإدارة والتدريس برغم أنهم حكموا البلد أكثر من قرن من الزمن.
ويبدو أن الفيتناميين لم يهتموا كثيرا بإنجاز برنامج “فتنمة” متدرج وحذر. وإنما قرروا استخدام لغتهمم في الإدارة والتعليم بمجرد الاستقلال. غامروا بمستقبلهم العلمي والتقني والصناعي؟ ربما. وللتأكد يجب أن نقارن جامعاتهم بجامعاتنا التي اكتشفت أن لغتنا الأم ليست صالحة لتدريس العلوم والطب والتكنلوجيا. ثم بعدها نحكم من ربح ومن خسر.
#لغات_حية 17
“الفتنمة” لم تتردد مثل “التعريب”