لم يبق غير الإنقلاب
أحمد الغيلوفي
لا شك انهم استنزفوا كل الحُقن وجرّبوا كل الحيل وهم يتجهون راسا بالبلاد وبانفسهم نحو الكارثة. ولاننا نعرف ان “النداء” ليس الا واجهة سياسية انتجتها “غرفة عمليات” مُهمتها المُحافظة على مصالح فئات سيطرت على السلطة والمال والمواقع من عهد بورقيبة الي الان، فاننا نعرف ايضا ان هذه الغرفة سوف تعمل على خُطتين متوازيتين: 1) التقليل من الخسائر، 2) ايجاد بدائل.
1. التقليل من الخسائر: يهدفُ الي عدم خسارة القاعدة الانتخابية التي ساندت النداء خلال 2014 وذلك بالتفصّي من مسؤولية الفشل وايهام هؤلاء بان النهضة هي من يحكم -وبالتالي هي سبب الفشل- وهذا نلاحظه في تلبيس النهضة ما حدث في تطاوين وما حدث مع جلول، والقول بان الوزارتين اللتان تشغلهما النهضة هما اخطر الوزارات. اما لو سأل سائل من جمهور النداء: الم تفوزوا بالمرتبة الاولى فلماذا تحالفتم معها؟ فان الاجابة -وهذه هي الحُقنة الاخيرة- “النظام الانتخابي اضطرّنا الي ذلك، نحن مُجبرون بحكم الدستور”، وهكذا لا يرجع الفشل لا لبرنامجنا ولا لكفاءاتنا ولا لافكارنا وانما، للنهضة. وهكذا يُحققون ثلاث نتائج: التّفصّي من الفشل ومُعاودة التحشيد ضد النهضة وتجاوز خلافاتهم وتوحيد صفوفهم بتذكّر العدو المشترك.
2. البدائل: النقطة السابقة لا تنجح الا بالثانية: لابد من تعديل الدستور وتغيير النظام الانتخابي حتى يسمح لهم بالحكم وحدهم اذا تحصلوا على 50+1 في مجلس النواب، وتحويل النظام السياسي الي نظام رئاسي صريح (رغم انه الان كذلك). هكذا يعود “الامل” في جمهور النداء ويتجاوز انقساماته نظرا لان كل مشاكله اتت من التحالف مع النهضة، وتُعاد اساطير هيبة الدولة والاقلاع، وكلمة السّر هي “لقد تخلّصنا من العوائق التي كانت تكبّلنا”: النهضة والنظام البرلماني والقانون الانتخابي.
3. ما دور الاتحاد؟ سوف يقوم بـ”حوار وطني” ويتبنى هذا الطرح، ويدعو الجميع الي استفتاء الشعب حول تعديل الدستور. وسوف تتحرك الالة الاعلامية بقوة في هذا الاتجاه.
4. ما هي القوى التي سوف ترفض هذا؟ جميع القوى باستثناء: الاتحاد والنداء والمشروع والوطني الحر وآفاق والمسار -سوف يصبحون حزبا واحدا لو نجحت الحيلة-. الرافضون سوف يبررون ذلك بقولهم ان الفترات الانتقالية لا تسمح بان ينفرد حزب واحد بالسلطة، وهذا صحيح، ولكن لانهم يعرفون ايضا بانهم لا يستطيعون الحصول على الاغلبية النسبية، باستثناء النهضة التي لا يساعدها ان تنفرد بالحكم.
في كلمة: هو انقلاب كامل الاوصاف. بالنسبة للمنظومة القديمة، منظومة المصالح والاموال والامتيازات، إمّا هذا السيناريو او الفناء، وسوف نعيش استقطابا حادا بين قوتين: قوى تؤمن بالتعايش والتشارك في الحكم، وقوى تريد العودة الي ماقبل 14 جانفي، وبالطبع سنعود للتحالفات القديمة: نهضة/حراك/ الديمقراطي/.. ستكون “مصلحة تونس” و”انقاذ البلاد من الضياع” هي ذخائر هذا الصيف الساخن.