البحث عن نقطة النهاية لمظاهر الفساد كمن يتبع سراب الصحراء بحثاً عن الماء هربا من شدة العطش.
الفساد ثقافة وعقلية تبدأ من فعل بسيط محقق لمنفعة شخصية غير مشروعة يأتيه الشخص لنفسه أو لغيره أو يصمت على فاعله ليتحول إلى مشارك سلبي لذلك المستفيد، ثم يتطور مع الزمن والتدرج في المسؤولية إلى سلوك يلتبس فيه المشروع بغير المستحق إلى درجة يصعب فيها غالباً التمييز بين الحالتين.
الفساد تحول من عنصر محرض على الثورة ضد السلطة الى سلوك حاضر في اغلب المشهد العام وفي حالات عدة اصبح لا يتوارى في التعبير عن نفسه سواءا متحديا او طالبا للتطبيع معه تحت عنوان المصالحة.
المواجهة مع الفساد سوف لن يحسمها مجرد شعار يرفعه هذا الطرف أو ذاك أو مؤسسة ذات طابع بابوي يترأسها شخص ننتظر اطلالته ليعلن لنا القضاء على الفساد والدخول في عالم الحوكمة والشفافية، وإنما هي معركة يجب أن تحسم على مستوى القيم قبل القانون فإما أن الفساد نقيصة أخلاقية تحط من قيمة المستفيد منها أو هي دليل تفوق وذكاء خارق لاتيه ؟ بتأكيد الأمر أعقد من أن تحله إجابة فورية متنكرة لأحد أوجه النفس البشرية الباحثة عن المغنم أينما كان وبأقل كلفة، الجواب يحتاج إلى وقفة تجيب من الناحية القيمية والأخلاقية والمجتمعية والاقتصادية ثم القانونية دون هذا الجواب ستظل جميع المعالجات القانونية غير حاسمة لا يتجاوز دورها، دور فرق المطافيء.