محمد الطالبي رائدا للمفكرين الجُدد في الإسلام
زهير بن يوسف
الذين لم يقرؤوا محمد الطالبي: إلى أيّ حد ارتفعوا إلى الحدود القيمية الإنسانية التي نزّل فيها الراحل الكبير رؤيته للمقدس الديني في وصلها بين الحقوق الأساسية للإنسان والمطلب القرآني، بين طمأنينة الضمير وحرية التفكير؟ وإلى أي مدى ارتفعوا إلى التسلّح بالحسّ النقدي التاريخي الذي يسمح لهم بمعالجة للنص الديني التأسيسي بآليات جديدة للمعرفة والاستنباط تعيد فهم الثقافة الإسلامية بآليات إنتاجها التاريخية؟
الذين لم يقرؤوا محمد الطالبي: متى يقلعون عن الاسترجاع الماضي لمقولات الإسلام النمطي وتحويل الدين إلى لاهوت والفقهاء إلى كهنوت؟ ومتى يكفون عن رفض أي تفهم خارج دائرة التقليد ومشروعية الفتوى؟ متى يتخففون من ضيق مأسسة الدين وتقييده إلى رحاب المقاصد الكبرى للرسالة؟ وحتى متى يستمر قصورهم عن البلوغ إلى آفاق تأويلية جديدة تتأسس على النظرة المقاصدية لتعاليم القرآن وأحكامه وعلى القراءة التاريخية للتجربة النبوية وعلى التحرر من تأويلية القدامى فقهاء ومتكلمين ولكن في إطار التشبث بقداسة النص القرآني بتمامه وكماله مثلما أصرّ على ذلك الراحل محمد الطالبي؟
متى يتحول الذين لم يقرؤوا محمد الطالبي من التفسير إلى التحليل ومن القراءة التجزيئية للنصوص الدينية إلى القراءة الموضوعية لها، ومن الاجتهاد التراكمي لعموم الفقهاء إلى الاجتهاد النوعي للمفكرين و”العلماء” ؟
السلام لروح محمد الطالبي بما بثّه في صدور الأجيال من منهج في التأويل ومن اقتراب من أفق المثال في التنزيل. رحم الله محمد الطالبي بما أسس له من إسلام النقد العاري من التبرير، وما دافع عنه من إسلام القيم العليا التي جاء من أجلها الوحي، إسلام “القراءة الحركية للنص التي لا تقف به عند حرفه وما يقاس عليه وإنما تسير به في اتجاهه” وهو عين ما تكون به الكرامة الإنسانية وشروط الانتظام الاجتماعي العادل.