رحيل المفكر محمد الطالبي، إنسوا محمد الطالبي الذي تلاعب به الأوباش
بكل اخلاص اقول لكل الذين شاهدوا الاستاذ محمد الطالبي. انهم لم يشاهدوا الاصل انما شاهدوا نسخة باهتة اربكها الدهر… ان ذلك الذي كنتم ترونه على الشاشات لم يكن محمد الطالبي الذي نعرف بحق… شاشات الفاسدين الذين دمروا كل شيئ جميل في هذا الوطن… هذا الوطن الذي اسقط افضع ديكتاتورية عرفتها تونس عبر تاريخها… واذا بالفاسدين يتحركون بقوة وبحمق وبجنون ليسقطوا مع الديكتاتورية الاخلاق والقيم والفكر المبدع… والثقافة الخلاقة… وللاسف وجدوا في اهل الاعلام وهم اصحاب مؤسسات ذات اموال قذرة وصحفيين مرتشين ومنشطين بلا باكالوريا اختصوا في الابتزاز والتسول الكبير ومحللين اوباش طلعوا فجاة… تونس كلها لم تكن تعرف واحدا منهم… انما هم صنيعة المانحين والداعمين… تذكروا كل ذلك لا تنسوا من افسد حياتكم… وجوه اللوح اصحاب اللغة الخشبية…
ادعوكم جميعا الى ان تنسوا ما سمعوه من مجمد الطالبي.. وما دافع عليه… وما شاهدوه منه…
لقد اكتشف وجوه الخشب ان محمد الطالبي يستجيب للخطة المرسومة لاحداث تغيير فضيع في المخ التونسي لا ليواصل مسبرته مع الثورة بل يقاطعها ويكره كل شيئ… ربما يصبح داعية للنظام الفاسد الساقط.. وزعيمه الهارب..
لقد وجده الاعلام في سن تقترب من المائة انه يتجاوب مع ثرثرة «المفكرات» من امثال امال القرامي ونايلة السليني.. ورجاء بن سلامة في مسالة المثلية والزطلة والدعارة والزنا والخمر… التجاوب من اجل احداث التغيير.. لا الحداثي انما في الاخلاق الجميلة وفي القيم المبدعة.
انسوا ما قاله وما سمعتم منه… انا اقدر ان اقسم ان من كان يتحدث للاوباش وجوه اللوح لم يكن محمد الطالبي… ابدا لم يكن مجمد الطالبي… لقد كان نسخة رديئة غير مقروءة.
الرجل ما ان تجاوز التسعين وهو يعاني من الزهايمر الفكري.. وبدا يقول كلاما لا يعبر عنه ولا هو من فكره وتاريخه ومؤلفاته… للعمر احكامها ولو كان له ابناء يفهمون ما يجري ما كانوا ليسمحوا له بالظهور في التلفزة ولكانوا حموه وحافظوا على هيبته وصورته الجميلة التي تكونت له في الذهنية الثقافية التونسية… وعملوا على ان لا يخرج من البيت الا مرفوقا…
لقد كبر محمد الطالبي وبدأ فكره وعقله يضيع مع الأيام.. وكنت اتصور انه في طريق ان يضيع عقليا… لان الزهايمر العقلي ياتي بعد الزهايمر الفكري…
لقد طال به العمر.. فضعفت قدراته الفكرية… وعائلته لم تفعل شيئا وانا الومها على عدم انتباهها…
على كل «اللوم بعد القضاء بدعة»… وها ان الرجل بين ايدي الله الان..
فقد رحل الرجل… رحل الرجل غير مطمئن.. للاسف.. رغم الثورة..
لقد كانت لديه بقايا عقل راى بها ان الفكر في تونس يتهاوى لصالح المتخلفين من المقاولين والتجار والمهربين والمتهربين من الضرائب ومن دفع ما عليهم من ديون تجاه البنوك وجلهم من الفاسدين…
وشهد كيف ان الصحفيين يعتدون على فكره ويتحاورون في وقاحة وسقوط اخلاقي لا مثيل له… لقد اربكوه الى درجة ان قال كلاما لا يستقيم عقليا.. ولا يستقيم دينيا… بل ليس من الفكر في شيئ… ان ما قاله وما تمكن الاوباش من استنطاقه فيه ليس محمد الطالبي.
اقول لكل الذين سخروا منه انتم لا شيئ… انتم اوباش… انتم شاركتم في قتل احلام الشباب.. انتم مساهمون في تدمير العقل وتضييع الثقافة وتمييع القيم.. وافساد الاطفال بكل ما قالوه وما فسقوا فيه… فهم استغلوا الحرية لتدمير الحرية.. واستغلوا الفراغ الحاصل في الدولة بعد هروب الرئيس المستبد الفاسد ليسدوه بالفساد… وعوض ان يتطهروا من الاعمال الدنيئة التي قاموا بها فانهم غرقوا في الدنس اكثر فاكثر مقابل فتات طاولات المقاولين وموائد مهربي الزطلة.. وبعضهم من الزناة والمثليين…
كل هؤلاء سخروا من محمد الطالبي فسحقا لهم… لا لانهم قدموا لنا النسخة الخطا من محمد الطالبي.. بل لانهم كانوا من خلال الاعتداء على رجل عمره يقترب من القرن يسخرون من الفكر… ويسعون الى افساد الفكر.. واضحاك الناس على الثقافة والمثقفين… وللاسف هناك من الذين يتصورون انهم مثقفون وفي واقع الامر ليسوا الا ادوات لتنفيذ مخطط دنيئ… هو اعلاء صوت المقاولين الذين لا يدفعون الضرائب وصوت المهربين الذين يغرقون البلاد بالسلع خارج القانون والمتهربين من دفع الضرائب… على صوت الحق والحقيقة…
محمد الطالبي مفكر كبير… وهو واحد من مؤسسي الجامعة التونسية… وهو استاذ اللغة العربية… واستاذ الحضارة العربية الاسلامية.. واستاذ التاريخ.. وقد درست على يديه عام 1974 في تاريخ الاندلسيين وخصوصياتهم في تونس… واعجبت انا وكافة الطلبة بدروسه ومحاضراته وطرافته البيداغوجية… وقد كان واضحا من كلامه وطريقته في العرض والتفسير انه رجل مؤمن.. ومخلص في ايمانه..
وسافرت معه الى السعودية والامارات ورايت فيه المسلم المخلص لاسلامه… والمسلم المتميز بفكر حداثي مبدع خلاق.. وقد احببته ومن اطرف ما اقول انه كان يعمل على ان اصلي الفجر معه وللاسف ان اقول اني لم اكن اصلي انذاك… وفي مكة كنا معا وقمنا بفرائض العمرة…
وما تحدث في كل سفراته ومداخلاته التي حضرتها في كل ما قاله في التلفزات التي خططت لاسقاطه… بل كان مفكرا محيرا… وعالما في الحضارة الاسلامية.. واستاذا عظيما في التاريخ…
كما انه كان واحدا من مؤسسي الحوار الاسلامي المسيحي وحاضر في موضوع الحوار في روما والفاتيكان… وكان عظيما مثمرا… فساهم في تطوير هذا الحوار وكان يرفض استعمال كلمة التسامح الاسلامي المسيحي..
وكان دائما يقول من يسامح من ؟؟ فمن سامح هو الاقوى ومن ادعى انه مسامح فهذا يعني انه الاقوى اي انه قادر ان يركعنا بدل التسامح معنا ولذا فالقوي لا يريد ان يكرمنا بالتسامح… بل يريد اذلالنا.
ولذا لا بد من ان نقول اننا في حاجة الى الحوار مع الاخرين.. الحوار الاسلامي المسيحي.. او الحوار بين العرب والغرب. بدل التسامح والمسامحة.
رحم الله محمد الطالبي