من دلالات ضعف القرار السياسي وهشاشة التجربة الديمقراطية التي لا نزال نتلمس أولى لبناتها انك تجد التحويرات في تشكيلة الحكومة تأتي فجأة وفِي غير محلها.
كان رئيس الحكومة الحبيب الصيد يسير الحكومة بنسق تصاعدي. حدثت ثلاث عمليات ارهابية خطيرة، باردو وسوسة وشارع محمد الخامس. لم تتغير الحكومة ولا رئيسها. فجأة في الصيف اصبح تغيير رئيس الحكومة أمرا مقضيا ورحل الحبيب الصيد دون سبب واضح ولا اثر أزمة اجتماعية خانقة عجز عن التعامل معها.
ناجي جلول خاض صراعا مريرا مع النقابات واصطف ضده السواد الأعظم من اطارات التدريس وشنوا ضده الحملات حتى انهم هددوا ذات سبت مضى بإعلان إضراب جهوي عام في صفاقس احتجاجا على زيارة عمل عادية كان سيؤديها الى الصخيرة واعتصم المئات منهم ببطحاء محمد علي واخرون حول مقر وزارة التربية بباب بنات ولكن جلول صمد ولم يعزل.
وحينما اقتربت فترة الامتحانات وفِي غفلة من الجميع ولما كان التونسيون منشغلين بأحداث تطاوين وبقانون المصالحة يعزل جلول في مساء يوم احد يتلوه يوم عطلة!!! لماذا؟؟؟ لا شيء واضح.
وزير الشؤون الدينية يقال فجأة دون بيان أسباب تقنع الرأي العام وتؤسس لثقافة سياسية واضحة المعالم بين التونسيين.
ينتفض التونسيون في تطاوين ويطالبون بفتح ملف البترول وهو ملف اجزم ان فيه من المغالطات المتبادلة بين الطرفين الشيء الكثير بين منزه لهذا القطاع عن كل فساد وبين زاعم ان كل منتوجنا النفطي ينهبه الأجانب وبين هذا وذاك يتخمر التونسيون ويتعصبوا لهذا الرأي أو ذاك دون اطلاع ولا تمحيص للحقائق. وبالرغم من وصول الامر الى ما بعد الخطوط الحمراء الخطيرة، وخروجه عن سيطرة اجهزة الدولة بما يهدد انهيارها وبدل من فتح هذا الملف في إطار منتدى وطني جامع يتناقش فيه الخبراء من كل طرف ويطلع خلاله الشعب على حقيقة ما يدور في هذا القطاع يصدر قرار رئيس الحكومة بعزل وزير التربية وكأن انتفاضة تطاوين كانت بسبب وزير التربية!!!؟