خليل كمون
منذ علمت بزيارة رئيس الحكومة لتطاوين في هذه الأجواء من الاحتقان المتصاعد ظننت أننا سنسمع بقرارات استثنائية غير عادية تحدث رجة نفسية وسياسية تخفف حدة الأوضاع هناك وإلا لماذا الذهاب ماذا سيسمع وماذا سيرى وماذا سيقول، الشيء الجديد في هذه الزيارة أنها زادت في تماسك الاعتصام والتفاف وتضامن وطني حوله بل ربما سيجر احتجاجات في مناطق أخرى…
عاد الوزير من تطاوين إلى العاصمة بخفي حنين، وحمل معه مزيدا من التصعيد ومأزق المراوحة بين توصيف المشكل وانعدام الحل.
ما هو المشكل ببساطة؟ هو بطالة مزمنة عطلت آفاق التطور والارتقاء الاجتماعي بل عطلت الحياة لدى الشباب وأسرهم، هو مشكل مزمن أطاح بالنظام في 14 جانفي ولا يزال سيطيح بعدة قوى سياسية أخرى، وربما وهذا الأخطر إن لم ننتبه للحل سيطيح بالدولة.
ما هو الحل؟ لا توجد عصا سحرية لمشكل مزمن، بل على الأقل توجيه البوصلة نحوه وتحمل المسؤولية والبحث الجدي عنه، أي أن يصبح مشكل التشغيل والبطالة عنوان أولي في الخطاب السياسي للسلطة، قبل الانتخابات وقبل المصالحة وقبل الديمقراطية والحريات والدستور والهوية و… و… والتي أضعنا فيها الكثير من الوقت، في حين كان الشباب بعيدا عن هذه المهاترات وخارج اللعبة.
لماذا لم تبادر حكومات ما بعد الثورة بتنظيم مؤتمر وطني للبطالة والتشغيل باعتباره أولوية وطنية تتجمع حولها القوى الوطنية وتسعى إلى البحث عن حلول لهكذا مشكل؟ لماذا لم يقع صياغة ميثاق وطني للبطالة والتشغيل وإصلاح الوضع الاجتماعي في البلاد وحشد القوى الوطنية ومختلف الفاعلين في الدولة والمجتمع من اجل اتخاذ قرارات مؤلمة وتضحيات لمقاومة البطالة وتوفير الشغل والكرامة… وما أعنيه بالحل لا يمكن أن ينفصل عن معاني التضحية والألم وإلا فقد معناه.
هنا عندما يوضع القطار على السكة وتوجه البوصلة نحو الاتجاه الصحيح، بإمكاننا أن نرى في عيون الشباب بارقة أمل، لكن ما لحضناه أن من مسك السلطة بعد 14 جانفي تناسى ذلك وتغافل، راهن عن عامل الوقت والزمن ربما تفتر عزائم الشباب، رتب الأولويات بشكل مغاير وهنا الخطر، لكن الأخطر هو التجاهل وتوجيه الاهتمام بالأمس القريب فقط نحو قانون المصالحة وحشد الإعلام والقوى السياسية والحزبية وأجهزة الدولة للدفاع عنه في فترة احتقان اجتماعي…
ما نعرفه عن المجتمع التونسي انه مجتمع مسالم ينبه ويحذر لكن لا يرحم إذا أراد الحياة.