رجل ولد أمه
كمال الشارني
من أجل “رجل ولد أمه” حقا، بطل سلبي بحاجة إلينا
أحب أن أكتب رواية عن المسيرة غير البطولية (بطل سلبي) لموظف تونسي بسيط في الدولة يقرر أن ينذر حياته لتطبيق القانون، لاعتقاده أن الثورة قامت من أجل تطبيق القانون على الجميع بالتساوي، أي أن لا يكون هناك أحد فوق القانون، يصطدم بأخت زوجة الوالي التي أغارت على الملك العام لتحويله إلى حانوت حلاقة ضخم، صهر مدير إقليم الشرطة الذي فتح حانة غير قانونية، رئيس النيابة الخصوصية الذي تلاعب بأرض فلاحية وباعها بالحبل ثم أجبر الدولة على تحمل كلفة التهيئة العقارية، مسؤول في الولاية استولى على ثلاثة أرباع المساعدات الموجهة للعائلات الفقيرة محتميا بالانتماء إلى حزب حاكم، مسؤول أمني يمر مع زملائه كل يوم على محل انترنيت يمارس القمار في مجموعة بلانيت، فيدخلون في الربح ويخرجون من الخسارة مقابل الصمت على نشاطه، يجب أن تكون هذه الشخصية الدرامية لـ “راجل ولد أمه” حقا، شجاعا إلى حد المضي قدما في تطبيق القانون ضد كل هؤلاء الذين يختزلون السلطة والإجرام والإفلات من المساءلة، يصل في صراعه معهم إلى حد العزلة حتى عن أبنائه وزوجته، يكرهه الناس لأن خصومه نجحوا شيطنته بطريقة منظمة ولفقوا له قضايا مختلفة، يدخل في حالة توتر نفسي، تختلط عليه هويات الأعداء حتى يصبح عنيفا وعدوانيا مع زوجته وأبناءه، يجد أن من يحاربونه هم الضحايا أنفسهم بناء على معلومات مغلوطة دائما: الناس يفضلون الأكاذيب السهلة على الحقائق المعقدة والتي تتطلب جهدا.
ينتهي وحيدا، بلا أصدقاء، يتخلى عنه أبناؤه وزوجته…
عند هذا الحد من الانهيار والإحباط، أخجل من نفسي، أفتش عن باب أمل لإعادة اختراع الحياة والأمل عند “الراجل ولد أمه”، بما أنه كذلك، عليه أن يدافع عن نفسه، وأن يخترع لي معه أبواب أمل، إني واحد من التونسيين المحبطين، بحاجة إلى إحياء “الرجل ولد أمه” فينا.