الحبيب بوعجيلة
تحليل الوقائع السياسية لا علاقة له بالعواطف لمن يريد أخذ العبرة.
أن نختلف مع أردوغان في سياسته الاقليمية التي أرهقت تركيا وتجربتها الرائدة فهذا لا يمنع من التعاطي مع “الاستفتاء” بتحليل واقعي خارج مدارج “الأحباء” و”الأعداء”.
أردوغان غامر بالاقدام على هذا التعديل الدستوري العميق الذي لا يخرج (كما يزعم البعض) تركيا من الديمقراطية لأن النظام الرئاسي على حد علمنا شكل من النظم الديمقراطية.
مثل هذا التعديل فكر فيه رؤساء اتراك سابقون ولم يجازفوا بتفعيله بل ان مندريس قد دفع حياته ثمنا من اجل مجرد التفكير فيه.
هذا التعديل يذهب بالديمقراطية التركية الى سياق حراستها بالناخبين وتحجيم العسكر نهائيا بعد عقود من علمانية شبه ديمقراطية محروسة بالعسكر بشكل مفارقي لا يستوعبه الغرب “الديمقراطي” ولكنه ظل يباركه باستمرار لضمان الرقابة على العضو “المسلم” في الناتو الجوديومسيحي.
من المؤكد ان اردوغان يسارع باستثمار التقدم الانتخابي للعدالة والتنمية لانجاز برامجه وعلى رأسها التعديل الدستوري وتسريع نسق “العثمنة” في برامجه الثقافية والسياسية.
ولاشك ان اردوغان يريد نظاما سياسيا أكثر طوعية وأقرب شبها الى نظم منافسيه على الزعامة الاقليمية في المنطقة (ايران وروسيا).
أردوغان يحقق فوزا مهما رغم ضعف الفارق مع اصوات الرافضين فالمؤكد أن العدالة والتنمية يمر بصعوبات حقيقية في ظل انقسام سياسي عميق في علاقة بالوضع الاقليمي ولاشك أن الحزب يغرد وحيدا في مواجهة الاتاتوركيين والأكراد ورغم السند النسبي للحركة القومية ولعل نتيجة الاستفتاء ستدعو اردوغان الى مراجعات نسبية لسياساته ولن يكون طيف رفيقيه عبدالله غل وداوود اغلو بعيدا على هذه المراجعات.
تركيا ليست دولة موز وأردوغان رغم الصعوبات التي يمر بها لا يقل قوة في بلاده عن بوتين في روسيا وعن التيار الثوري في ايران وهو ما يعني أن هذه القوى الاقليمية الثلاثة تظل اللاعب الرئيسي في المنطقة رغم كل الحراك الداخلي الذي تشهده هذه الدول الثلاثة.
العرب ؟.. قلتم لي العرب؟… يجبر الله.. بعدنا طيبين.. قولوا يا الله.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.