صفاقس متغشّشة وتتألّم،، آشكون يسمعها ؟؟

منجي باكير

صفاقس يا سامعين، كانت حكاية حلوّة يحكيها التاريخ المكتوب وزادة يحكيوها الكبار متاعها،، يحكيوا أنّها كانت مدينة جميلة، مدينة يحتضنها البحر، سوايحها خضار وأشجار، وسْطها معمار، معمار تفنّن الأجداد في تشييدوا وتزيينو،، سكّانها كانوا ناس خدّامة مجتهدين، صنايعيّة وحرفيّين،،، صنعتهم بلغت أقاصي الدّنيا، كانوا ناس ثقاة وأصحاب أخلاق عالية،،، كيما كان فيهم العلماء والأتقياء والأصفياء وأصحاب الجود والكرم، صفاقس كانت مدينة هانية، جوّها صافي ومنعش، مدينة يُستطاب فيها العيش، تحكمها الشريعة والأخلاق والعرف، كانت بلاد الزوّالي والغريب،، باختصار لأنّها بلاد عمل وكدّ واجتهاد، كانت صفاقس ترقد هانية بكري وتقوم ناشطة بكري. وكانت زادة مدينة نظيفة ومزيانة.

هكّا كانت صفاقس، لكن بما أنّو لا حال يدوم، ما دامتش صفاقس على هالحال، تبدّلت صفاقس وتغيّرت موش نحو الأفضل لكن للأسف نحو الأسوأ، بْدى.. ها التبدّل بالشويّا مع النّزوح العشوائي والبناء الفوضوي وانتهاك قواعد المعمار اللّي وصل لقلب صفاقس، وصل للبلاد العربي، البلاد العربي اللّي تأرّخ لْعراقة صفاقس وتمتاز بطابع خاصّ ورايع في سورها، أنهجها، أسواقها وديارها، لكن الجهل بقيمة هاالتراث من جهة والإستهتار من جهة ثانية خلّى البلاد العربي تضيع وتندثر، تتهدّم، تتمسخْ، بيبان تتقلّع، حيوط تطيح وتتغيّر، ولاّت حوانت ومخازن، أصحاب المحلاّت سلّموا فيها وباع اللّي باع وكْرى اللّي كرى وتخلّطت وتجلّطت وسْياب الماء ع البطّيخ.

من بعد الثورة زاد ها الشّيء، صفاقس زاد وسخْها، ضياقت أنهجها، تسكّرت زنقْها كثر الإنتصاب الفوضوي، بين النّصبة والنّصبة تلقى نصبة، الكلام السّوقي، الصّياح والعياط والتزمير، تلوّث الجوّ وتلوّثت الأسماع والأذواق والأخلاق زاده، كثرت الزّبل والرّوايح،، كيّاسات وأنهج ذابت، ولاّت معبّية بكراسي القهاوي وأكداس السّلعة ومحطّات التاكسي…

صفاقس يا سادة، في أيّامنا هاذي متغشّشة برشا وتتألّم ياسر، طبعا ما يشعر بهذا إلاّ اللّي عندو جملة من الأحاسيس، كيما حسّ المواطنة وحسّ الذّوق والوازع الأخلاقي والغيرة على جمالية بلادو، صفاقس اللّي همّلتها الحكومات من عهد البايات وإنت جاي، صفاقس اللّي أهلها سلّموا فيها، فيهم اللّي رحل وخلاّها وفيهم اللّي ساكت وفيهم اللّي ما يهمّوا كان آش يحلب منها وفيهم اللّي هالمدينة العزيزة ما تعنيلو حتّى شيء،،،

صفاقس اللّي استوعبت وكلّ يوم تستوعب قدّاش مواطنين مقيمين وعابرين، تسهّل وتقضي، تحضن وتُؤوي وتخدّم وتعطي من خيراتها مـــا تستاهلش منّا هكّا…! ما تستاهلش ها الإهمال والأوساخ والتهميش، ما تستاهلش التعدّي على تراثها وتاريخها، ما تستاهلش كلّ هالنكران والجحود،،،

صفاقس أمانة خلاّوْهانّا الجدود، أمانة عزيزة ولازم كلّ واحد فينا يحافظ على ها الأمانة ليه ولْأوْلادو وأحفادو، يحافظ على جماليّتها ويستعيد نظافتها وهدوئها وبريقها الضّايع، صفاقس يلزم تكون صفاقس المزيانة موش كان شعار، وصفاقس قبل ما نحطّوها في التراث العالمي ونعملوا منها عاصمة للثقافة وغيرها من العناوين البرّاقة، يلزم نحطّوها في قلوبنا وعينينا،،،

Exit mobile version