مدينة تطاوين تشهد حراكا شعبيا غير مسبوق

بشير العبيدي
وسط تعتيم إعلامي رسمي، يتحرك شباب مدينة تطاوين العريقة منذ أيام عديدة، منفذين إضرابا عاما، ومشاركة شعبية فائقة، ومستبعدين عن تحركاتهم التوظيف السياسي الحزبي، كتعبير من الشباب على رفض للوعود الكثيرة. التي لم تتحقق بعد.
وقد أعاد أهالي تطاوين والجنوب عموما الحياة إلى شعارات الثورة التونسية التي داست عليها أرجل المتسلقين السياسيين والدولة العميقة، مطالبين بالأساس بحقهم في الاستفادة من نفط وغاز وجبس منطقتهم الذي تستفيد منه شركات متعددة ولا يعود ريعه على التنمية في المنطقة.
وهذه الوضعية شبيهة جدا بوضعية بداية الثورة التونسية التي رفعت شعارات الحرية والتنمية والتشغيل والاستفادة من عائدات الثروات الطبيعية. وهي مطالب مشروعة، خاصة في ظل الحقرة والنظرة الدونية التي تحملها عديد النخب الحاكمة تجاه أهالي الجنوب منذ فترة حكم بورقيبة الذي عاقب أهالي المدينة بالإهمال بسبب محاولة اغتيال تعرض إليها أثناء زيارة له لتلك النواحي.
كما تشترك المناطق التونسية الجنوبية والغربية والشمالية في الوضعية ذاتها، حيث عمّقت الدولة البورقيبية الفوارق الجهوية واختزلتها في مثلث صغير على الساحل الشرقي، حيث مدينة الرئيس بورقيبة وابنه البار المخلوع زين العابدين بن علي.
ورغم وعود قدمتها الحكومة إلا أن المحتجين يصرون على توسيع نطاق تحركاتهم حتى تحقيق مطالبهم.
ولو حافظ الأهالي على سلمية المطالَب وإبعاد الراكبين عليها من السياسيين وإبعاد المطالَب التعجيزية المتطرفة فإن هذه التحركات ستمثل منعرجا للثورة التونسية في اتجاه تصحيح مسارها وتنبيه المفسدين من الدولة العميقة أن السكوت الشعبي على تدمير تجربة تونس له خطوط حمر، وأن الأسباب التي خرج الناس من أجلها قبل سبع سنوات ما تزال قائمة.
كل الدعم والمحبة والتضامن مع المطالَب السلمية المعتدلة لأهالي تطاوين، وهم من هم أهل النضال الكبير والقدر الجليل والتقاليد الراسخة !!
تحية لكل شباب تطاوين السلمي والواعي !

Exit mobile version