سامي براهم
أتجنّب في الغالب الانخراط في جدل الأحزاب ولا يعنيني منها إلا ما تعلّق بالأفكار السياسيّة وما له علاقة بالمشروع الوطني ومستقبل الحياة السياسيّة وتحقيق أهداف الثورة، لكنّني في حالات معدودة أبدي رأيا لا انتصارا لهذه الجهة أو ترذيلا لأخرى ولكن للمساهمة في الحوار المواطني من موقع غير حزبي يروم الحياد الذي يبقى نسبيّا، لذلك أحبّ أن أبدي رأيا بخصوص الجدل الحاصل حول تصريحات بعض قيادات التيّار الدّيمقراطي بخصوص قواعد حزب من أحزاب الحكم.
استمعت إلى التّصريحات واستغربت الحملة التي صاحبتها :
دعوة قواعد حزب لعدم الانصياع لخيارات حزبهم إذا كانت مناقضة للمصلحة الوطنيّة هذا أمر وارد بل مطلوب في الحياة السياسيّة والحزبيّة وليس مناقضا لأخلاقيات العلاقة بين الأحزاب.
قواعد الأحزاب ليس دورها فقط الانضباط لمقرّرات المؤسسات التنفيذيّة لأحزابها بل كذلك التأثير في هذه المقرّرات وتصحيحها وترشيدها إذا انحرفت وممارسة الضّغط والاحتجاج إن لزم الأمر.
كلّ هذا من حيث المبدإ السياسي أمر مشروع يعكس حالة نضج مواطني وصحّة سياسيّة ولا تثير الدعوة له إشكالا أو شبهة التدخّل في شؤون الأحزاب واستمالة قواعدها… خاصّة وأنّ هذه الدّعوة قائمة على فرضيّة أنّ هذا الحزب ماض في مساندة غير مشروطة لقانون مصالحة مخلّ بالمصلحة الوطنيّة وهو حكم سابق لأوانه قبل طرح القانون ومناقشته.
لا حرج في دعوة قواعد الأحزاب لينحازوا إلى القضايا الوطنيّة ويقفوا على مسافة من أحزابهم في محطّات وقضايا مفصليّة وأن يكون انضباطهم لأحزابهم انضباطا إيجابيّا مواطنيّا لا انضباطا آليّا انفعاليا سالبا مسلوب الإرادة.
الحياة الحزبيّة في الانتظام السياسي المدنيّ تفاعليّة تواصليّة تنبذ السكتريّة والفرقيّة والولائيّة المطلقة.