عبد اللطيف علوي
هذا يومكم… ليس للشّهداء أعياد، للشّهداء أيّام تتفتّح فيها دماؤهم كشقائق النّعمان وكالورد الجوريّ، تملأ الأرض عطرا ومجدا وكرامة…
يحزنني أنّكم قاومتم الاستعمار ودفعتم أرواحكم، وما كنتم تعلمون أنّ دماءكم سيسرقها بنو العمومة، ويقيمون عليها عروش الطّغيان والاستبداد والفساد لعقود أخرى مظلمة، أظلم حتّى من عقود الاستعمار…
ثمّ جاء بعدكم شهداء آخرون، وآخرون وآخرون، وظلّت العجلة تدور في نفس الدّائرة المفرغة، شهداء يموتون كي يحيا الأراذل والبغايا…
أيّام الثّورة اللّيبيّة هزّني ذلك الهتاف الصّادق الحزين: “دمّ الشّهداء… ما يمشيش هباء”.
لكنّني شعرت أنّ هناك في مكان مّا خطأ كونيّا فظيعا في كلّ ما يجري، جعل دماءكم تذهب هباء في أكثر من مكان، وفي أكثر من زمان…
أمّة العرب دفعت ملايين الشّهداء عبر تاريخها الطّويل، وهم يحلمون بأوطان تكرّم الإنسان وتصون الحرمات وتنشر العدل وتمنح الجميع فرص الحياة الكريمة… لكنّ النّتيجة كانت دوما واحدة… انظروا إلى سوريا وإلى الجزائر والعراق وإلى مصر وإلى كلّ مكان من بلدان الحزن العربيّ…
كنت دائما أقول في نفسي، لو عاد شهداء التّحرّر العربيّ من الاستعمار إلى بلدانهم يوما واحدا، لانتحروا… انتحارا جماعيّا صامتا في أكبر ساحة من ساحات المجد والاستقلال وتلك الأسماء الكثيرة الكذّابة…
صباح الخير أيّها الشّهداء…
سامحوني إذا أفسدت عليكم عيدكم… أنا رجل يثقله ذنبكم… عاقبتني الحياة بأن أعيش بعدكم، وأرى كيف صارت الرّايات الّتي متّم من أجلها… مداسا للطّغاة وللمومسات…
أنا رجل يخشى أن تلقاه عيونكم يوم القيامة، أو تسألوه عن دمكم، فينكس رأسه خجلا…
صباح الخير أيّها الشّهداء.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.