انتهت البورقيبيّة وبقيت ذاكرة بورقيبة الحيّة وإنجازاته
سامي براهم
لا تناقض في العنوان، انتهت البورقيبيّة كتجربة في الحكم اتّسمت بمركزيّة الفرد والرّئاسة مدى الحياة وحكم الحزب الواحد ونبذ أشواق التّونسيين للحريّة والدّيمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة.
انتهت البورقيبيّة بفعل الثّورة، قد تكون الثّورة تصحيحا للبورقيبيّة أو مراكمة عليها باعتبارها تجسيدا منقوصا ومشوّها لمطالب حركتي الإصلاح والتّحرير الوطني التي كان يفترض أن تنهض بها دولة الاستقلال.
تبقى البورقيبيّة حيّة في قلوب من عاصروا الزّعيم بورقيبة من رفاقه في النّضال وممّن آمنوا بزعامته ومن شملهم برعايته ونعمه ومحاباته من شخصيات وفئات وجهات.
وتبقى حيّة في وجدان ضحايا سياساتها وعائلاتهم الذين لا يزالون على قيد الحياة.
وتبقى كذلك حيّة في في أجندات من يعملون على توظيفها لخدمة أهدافهم السياسيّة.
وتبقى حيّة في الانجازات التي أبقتها للتّونسيين، وعلى رأسها دولة قائمة الذّات بمؤسسات عصرية كانت رصيدا وطنيّا رغم ما شابها من فساد وبيروقراطيّة، وما أنجزته هذه الدّولة في مختلف المجالات رغم ما شابه من محسوبيّة وتفاوت جهوي بسبب سوء التّقدير واختلال منوال التنمية أو لأسباب سياسيّة عقابيّة ممنهجة، وما شابه كذلك من حصيلة ثقيلة لملفّ حقوق الإنسان، وما ورّثته من نظام بوليسي مافيوزي انقلب على رأس الدّولة.
رحل الزّعيم الوطني بورقيبة رحمه الله وبقي في ذمّة التّاريخ والنّزهاء من المؤرّخين الشّرفاء.